حوكمة الأمن السيبراني – دليل موجز للمهتمين وأصحاب القرار

تدرك المؤسسات أن الحوكمة ضرورية لحماية المعلومات والحفاظ على الثقة مع أصحاب المصلحة. تتناول هذه المقالة مبادئ حوكمة الأمن السيبراني، وأهميتها وطرق تنفيذها.

148 مشاهدة
7 دقائق
حوكمة الأمن السيبراني

في عصرنا الرقمي ، لا يمكن إهمال الأمن السيبراني. تدرك المؤسسات بشكل متزايد أن حوكمة الأمن الفعالة ضرورية لحماية المعلومات الحساسة والحفاظ على الثقة مع أصحاب المصلحة. تتناول هذه المقالة مبادئ حوكمة الأمن السيبراني، وأهميتها، وكيف يمكن للمؤسسات تنفيذ إطار حوكمة أمن قوي.

ما هي حوكمة الأمن السيبراني؟

تشير حوكمة الأمن إلى الإطار الذي يضمن اتساق أهداف الأمن في المؤسسة مع أهداف العمل. تشمل السياسات والإجراءات والمعايير التي توجه ممارسات الأمن داخل المؤسسة. الهدف الرئيس من حوكمة الأمن هو توفير نهج منظم لإدارة مخاطر الأمن السيبراني مع ضمان الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية.

في جوهرها، تتضمن حوكمة الأمن السيبراني المشاركة النشطة للإدارة العليا. من الضروري أن تحدد الإدارة التنفيذية الاتجاه لمبادرات الأمن وأن تتواصل هذه التوجيهات في جميع أنحاء المؤسسة. يضمن هذا النهج من الأعلى إلى الأسفل أن الأمن ليس مجرد قضية تكنولوجيا المعلومات، بل هو جانب أساسي من استراتيجية المؤسسة العامة.

دور الإدارة العليا

تلعب الإدارة العليا دوراً محورياً في إنشاء ثقافة الأمن داخل المؤسسة. هذه الإدارة مسؤولة عن تحديد مستوى المخاطر الذي تتحمله المؤسسة وضمان أن تعكس السياسات الأمنية هذا التحمل للمخاطر. على سبيل المثال، إذا كانت لجنة الإدارة ومجلس الإدارة تعطي الأولوية للأمن، فيجب عليهم المطالبة بتحديثات منتظمة حول أداء الأمن والاستجابة للحوادث. إن هذه الرقابة ضرورية للحفاظ على المساءلة وضمان تنفيذ تدابير الأمن بشكل فعال.

على النقيض من ذلك، تواجه المؤسسات التي تفتقر إلى مشاركة الإدارة التنفيذية في حوكمة الأمن السيبراني تحديات كبيرة. على سبيل المثال، إذا كان الرئيس التنفيذي والمدير المالي يرون أن الأمن هو مسؤولية قسم تكنولوجيا المعلومات فقط، فقد تصبح مشاريع و جهود فرق الأمن معزولة، مما يؤدي إلى وجود ثغرات في الحماية وزيادة تعرضها للتهديدات السيبرانية.

مقارنة بين حوكمة الأمن الفعالة وغير الفعالة

لتوضيح تأثير حوكمة الأمن، يمكننا النظر في شركتين افتراضيتين: الشركة (A) والشركة (B). تمتلك الشركة (A) برنامج حوكمة أمن محدد جيداً، بينما لا تمتلك الشركة (B )ذلك. على الرغم من أن كلا الشركتين قد تكون لديهما سياسات أمنية وتقنيات تناسب عملهم، فإن الاختلافات في هياكل الحوكمة تؤدي إلى نتائج أمنية مختلفة تماماً.

الشركة (A) – أهمية الحوكمة

* مشاركة الإدارة: يفهم أعضاء مجلس الإدارة أن الأمن السيبراني أمر جوهري ويطلبون تحديثات ربع سنوية حول أداء فرق الأمن.

* لجنة إدارة المخاطر: يشارك الرئيس التنفيذي والمدير المالي ومدير تكنولوجيا المعلومات ومدير أمن المعلومات في اجتماع لجنة إدارة المخاطر شهرياً، مما يضمن أن الأمن هو موضوع دائم في جدول الأعمال.

* مستويات المخاطر المحددة: تحدد الإدارة التنفيذية مستويات المخاطر المقبولة التي توجه السياسات والأنشطة الأمنية.

* المساءلة: يتم تحميل مديري وحدات الأعمال المسؤولية عن تنفيذ أنشطة إدارة المخاطر داخل أقسامهم.

* التحسين المستمر: تقوم المؤسسة بمراجعة عملياتها الأمنية بانتظام لتحديد مجالات التحسين.

الشركة (B) – غياب المساءلة

* عدم الوعي: لا يدرك أعضاء مجلس الإدارة مسؤوليتهم عن الأمن السيبراني ويركزون فقط على حوكمة الشركات.

* الأمن المعزول: تقتصر الأنشطة الأمنية على قسم تكنولوجيا المعلومات، مع القليل من التكامل عبر المؤسسة.

* عدم وجود مستويات مخاطر محددة: غالباً ما يتم نسخ السياسات الأمنية من مؤسسات أخرى دون النظر إلى احتياجات الشركة المحددة.

* عدم وجود مساءلة: لا توجد آليات تنفيذ للسياسات الأمنية، مما يؤدي إلى تفشي ثقافة الإهمال.

* الركود: لا تقوم المؤسسة بتحليل أدائها الأمني، مما يؤدي إلى تكرار الأخطاء والثغرات.

تسلط المقارنة بين هاتين الشركتين الضوء على أهمية الحوكمة الفعالة للأمن السيبراني. وبالتالي، يجب على المؤسسات أن تدرك أن الأمن هو مسؤولية مشتركة تتطلب مشاركة من جميع مستويات الإدارة.

تنفيذ إطار حوكمة الأمن السيبراني

لإقامة إطار حوكمة أمنية قوي، يجب على المؤسسات النظر في المكونات الرئيسة التالية:

1. تطوير السياسات والإجراءات

يجب على المؤسسات إنشاء سياسات أمن شاملة تحدد الممارسات الأمنية المقبولة . بحيث تتم مراجعة هذه السياسات وتحديثها بانتظام لتعكس التغيرات في مشهد التهديدات وأهداف العمل. بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء إجراءات لتوجيه الموظفين في كيفية تنفيذ هذه السياسات بشكل فعال.

2. إنشاء قنوات للتواصل

التواصل الفعال ضروري لنجاح حوكمة الأمن. يجب على المؤسسات تحديد قنوات تواصل واضحة لضمان الإبلاغ عن تحديثات الأمن والحوادث إلى الإدارة العليا فور وقوعها. يمكن أن تسهل الاجتماعات المنتظمة وطرق الإبلاغ الموحدة هذا التواصل.

3. تحديد الأدوار والمسؤوليات

تعد الأدوار (Roles) والمسؤوليات المحددة بوضوح أمراً حيوياً للمساءلة في حوكمة الأمن. يجب على المؤسسات تحديد الأفراد الرئيسيين المسؤولين عن مختلف جوانب الأمن، بما في ذلك مالكي البيانات، والأوصياء (custodians)، ومديري الأمن. يجب أن يكون لكل دور وظيفي مسؤوليات محددة تتعلق بإدارة الأمن، مما يضمن أن يفهم الجميع مسؤولياتهم في الموقف الأمني.

4. تنفيذ ممارسات إدارة المخاطر

تعد إدارة المخاطر ركناً أساسياً من حوكمة الأمن. يجب على المؤسسات إجراء تقييمات منتظمة للمخاطر لتحديد الثغرات والتهديدات. من خلال فهم المخاطر التي تواجهها، يمكن للمؤسسات تنفيذ الضوابط المناسبة للتخفيف من هذه المخاطر بشكل فعال.

5. المراقبة والتحسين المستمر

لا تعد حوكمة الأمن جهداً لمرة واحدة؛ بل تتطلب مراقبة وتحسين مستمرين. يجب على المؤسسات مراجعة ممارساتها الأمنية بانتظام، وتقييم فعالية الضوابط، وإجراء التعديلات اللازمة. يضمن هذا النهج المستمر في التحسين أن تظل تدابير الأمن ذات صلة وفعالة في مواجهة التهديدات المتطورة.

ينبغي أن يتسق إطار حوكمة الأمن السيبراني مع استراتيجية الأعمال في المؤسسة. تضمن هذه المواءمة أن تدعم جهود الأمن أهداف العمل بدلاً من عرقلتها. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تهدف إلى توسيع خدماتها عبر الانترنت، يجب أن تسهل تدابير الأمن هذه النمو من خلال توفير الحماية اللازمة لبيانات العملاء والتعاملات.

كلمة أخيرة

تعد حوكمة الأمن مكوناً جوهرياً في استراتيجية الأمن السيبراني للمؤسسة. من خلال إقامة إطار حوكمة قوي، يمكن للمؤسسات إدارة مخاطر الأمن بشكل فعال، وضمان الامتثال، وحماية المعلومات الحساسة. تعتبر المشاركة النشطة للإدارة العليا، والتواصل الواضح، وتحديد الأدوار، والتحسين المستمر عناصر أساسية لحوكمة الأمن الناجحة. مع استمرار تطور التهديدات السيبرانية، يجب على المؤسسات إعطاء الأولوية لحوكمة الأمن لحماية أصولها والحفاظ على ثقة أصحاب المصلحة.

شارك المقال
اضف تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *