يتعافى سوق العمل بصعوبة من تداعيات كورونا و التأثير المستمر للوباء والضغوط التي تركها على الشركات وفرص العمل. لكن الحرب في أوكرانيا والاضطراب العالمي في سلاسل التوريد و النقص في العمالة الماهرة في بعض التخصصات و منها الأمن السيبراني جعلت المشهد أكثر تعقيداً. مع كل هذه المقدمة المتشائمة إلا أن المستقبل يبدو أفضل.
من المكتب إلى البيت و بالعكس!
نتيجة لجائحة كورونا فإن هناك الكثيرين ممن فقدوا وظائفهم أو تم منحهم إجازات قسرية أو تم تسريحهم مؤقتاً. وهناك أيضاً من تم تخفيض أجورهم. أدت هذه التحولات في سوق العمل إلى إعادة ترتيب أولويات احتياجات هؤلاء العمال. وكذلك إعادة تحديد طريقة إنجاز العمل وتغير في مكانه من المكتب إلى البيت.
بالنتيجة، رغم رغبة الشركات بالعودة للمكاتب إلا أن أصحاب العمل واجهوا ضغوطًا إضافية للتكيف مع متطلبات الكفاءات و رغبتها في العمل وفق شروطها.
إن احتياجات هذه الكفاءات و خبراتها تتطورجنباً إلى جنب مع التكنولوجيا. كذلك فإنه هناك تراجع لقوة الفريق لصالح قوة الفرد.
وفقاً لـ helpnetsecurity فإن أصحاب العمل يسعون لدعم وتمكين موظفيهم. تحاول الشركات تطوير عملية صنع القرار لديهم وتحليل البيانات والاستفادة منها لمعرفة احتياجات موظفيهم. كما يعملون على فهم الأسباب التي تعزز إنتاجيتهم. سينتج عن ذلك إحساساً أقوى بالتواصل بين الأفراد و المؤسسات مما سيمهد الطريق لمزيد من النمو والابتكار في المستقبل.
التكيف و تنوع فرص العمل
يتكيف أصحاب العمل مع نماذج العمل المختلفة كالعمل عن بعد، العمل المختلط في المكتب و عن بعد، و أيضاً النموذج التقليدي في المكتب.
من جهة أخرى، فقد أجرى الكثير من الموظفين أيضاً تغييرات على حياتهم للتكيف و للمحافظة على عملهم في ظل الجائحة. شملت هذه التغييرات تبديل أماكن سكنهم أو تعديل ديكور منازلهم لتضمن لهم مساحة مستقلة للعمل. كما قاموا بتزويد منازلهم بمستلزمات تقنية للكهرباء و الانترنت لتساعدهم على العمل عن بعد.
و يضاف لذلك الاستثمار في تطوير وسائل الاتصال لتحقيق تواصل فعال بين أعضاء فرق العمل أينما كانوا و مهما كان نموذج العمل الذي يستخدمونه. في ظل قلة التواصل المباشر برزت الحاجة لإعادة بناء روح الفريق و كذلك ثقة الفريق بقائدهم الذي لا يشاركهم نفس المكتب و لا يشرب معهم قهوة الصباح و لكنه ربما يجلس على بعد مئات الكيلومترات عنهم.
توسيع القدرات و خلق فرص عمل جديدة
أحتاج أصحاب العمل إلى زيادة تركيزهم على موظفيهم والتفكير في الهدف الأكبر الذي يوحد قوتهم . تبنى أصحاب العمل مبادرات تركز على الناس. و تم تطيبق استراتيجيات تحقق العدالة بين الموظفين وفقاً لنتائج تحليل أدائهم دون تحيزات شخصية.
لكن مع بقاء الموظفين بعيدين أو ضمن نماذج عمل هجينة ، ستنمو الاعتبارات التشغيلية. تضيف تلك الاعتبارات تعقيدات إلى البيئة التنظيمية التي هي معقدة أساساً. في الواقع ، هناك تحديات تتعلق بالانتاجية و المسائل التنظيمية. يسعى قادة الأعمال لاستخدام البيانات بشكل أكبر لمعالجة المشاكل بشكل استباقي وتوجيه عملية صنع القرار. لقد أصبحت البيانات الدقيقة أساسية في تزويد الشركات بالثقة التي تحتاجها للعمل.
ومع تطور نماذج الأعمال ، تركزالشركات إلى التكنولوجيا لدفع الكفاءة وتوسيع القدرات وإعادة تكثيف جهودها لتحقيق النمو. وستؤدي الزيادة في فرص العمل والتوظيف القائم على المهارات إلى دفع الابتكار إلى أبعد من ذلك.
تغيير ضروري في سوق العمل
قام كثير من الموظفين بتعلم مهارات جديدة أو بتطوير مهاراتهم الأساسية. دفعهم لذلك الخوف من البطالة و الرغبة في التكيف مع متطلبات سوق العمل المستجدة. يستمرالأشخاص في تحديد أولويات مهاراتهم والبحث عن الفرص لتوظيف نقاط قوتهم .
و بالتالي سيحتاج أصحاب العمل إلى التركيز على نقاط القوة الفردية تلك وتوفير الفرص للموظفين للاستمرار في تطوير مهارات جديدة أو الشروع في مسار وظيفي جديد مع مزيد من الفرص للنمو. لكن أولاً و قبل كل شيء هناك عامل الاستقرار الأمني و السياسي في العالم. لا يبدو أن عالم اليوم سيودع الاضطرابات قريباً و لكن لنأمل ألا يسوء الوضع أكثر مما هو عليه.
لقد علمتنا السنوات القليلة الماضية أننا نعيش في أوقات لا يمكن التنبؤ بها. ولكن هذا لا يعني أنه من المستحيل التنبؤ بما قد يأتي في الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة.
لنتابع الأن مع finite920 تصوراً لمستقبل العمل من خلال خمس تنبؤات لصناعة التكنولوجيا في عام 2023 وما بعده.
زيادة في فرص العمل عن بعد
على الرغم من أن العمل من المنزل كان يكتسب شعبية بالفعل قبل جائحة عام 2020 ، فقد ساعدنا وباء فيروس كورونا في تحقيق “تقدم سريع” في هذا الاتجاه. ويبدو بالنسبة للكثيرين ، أنه لا عودة إلى الوراء في هذا الموضوع.
ازداد عدد العاملين الراغبين بالقيام ببعض أعمالهم من المنزل. كما يرغب كثيرون منهم في مواصلة القيام بجزء على الأقل من عملهم عن بُعد دائماً.
لا يقتصر الأمر على العمال الذين أدركوا مزايا خيارات العمل الأكثر مرونة. اكتشفت العديد من الشركات أن منح العمال مزيداً من الحرية في تحديد مكان العمل يؤدي إلى إنتاجية أكبرو الحفاظ عليهم لفترة أطول. كما سيتحسن صافي أرباح الشركات من خلال القضاء على الحاجة إلى مساحات مكتبية كبيرة.
بالطبع ، سيظل هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يستطيعون العمل من المنزل بسبب طبيعة عملهم. وكذلك أولئك الذين يفضلون العمل في المكتب أو الخبرة المختلطة hybrid experience. لكن يبدو المستقبل واعداً بالنسبة للعمال الذين يحلمون بالحصول على وظيفة تسمح لهم بالعمل من أي مكان.
المزيد من المقاولين والمستقلين في مجال التكنولوجيا
على الرغم من أن بعض العمال سيكونون سعداء بوظيفة بدوام كامل عن بعد ، إلا أن كثيرين آخرين أدركوا أن لديهم الأدوات والقدرة على العمل لأنفسهم.
نتيجة لذلك ، نتوقع رؤية المزيد من العاملين يعملون لحسابهم الخاص freelancers . ونتوقع أيضًا أن يكون هناك المزيد من المنافسة القادمة من العمال عن بعد من خارج الحدود. فالعمل عن بعد عابر الجغرافية و القيود على السفر و قوانين التوظيف.
لن تُستثنى مساحة التكنولوجيا من هذا التحول في طريقة عملنا. على الرغم من وجود بعض الأسماء الكبيرة في مجال التكنولوجيا التي ستقوم بتعيين موظفين داخل المكتب ، إلا أن هناك العديد من فرص العمل في التكنولوجيا سيشغلها متعاقدون أو مستقلون freelancer.
تتخذ الاجتماعات الافتراضية شكلاً جديداً
إذا كان عام 2020 هو عام Zoom ، فهل سيكون عام 2023 هو عام Meta؟ لسنا متأكدين مما إذا كان استثمار مارك (Mark Zuckerberg) في الفضاء الافتراضي المعروف باسم Metaverse سيؤتي ثماره ، لكننا نتوقع ذلك. في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة ، ستتغير الطريقة التي نلتقي بها في المساحات الافتراضية.
قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن ترتدي VR لمقابلة زملائك. ولكن يمكنك توقع تنوع أكبر في الخيارات التي لديك للتواصل مع الآخرين الذين يعملون في نفس المكان الذي تعمل فيه.
حالياً، يستخدم العاملون بالفعل أشياء مثل البريد الإلكتروني ومنصات الدردشة مثل Slack وعدد لا يحصى من تطبيقات مكالمات الفيديو للاتصال. نرى المزيد من المساحات الشبيهة بالمنتديات للتواصل أو المنصات التي ستجعل من السهل التحدث مع شخص ما بغض النظر عن مكان وجوده على هذا الكوكب.
إذا كنت تكره الاجتماعات الافتراضية ، فإليك توقعاً آخر قد تفضله. الآن بعد أن تم تخفيف القيود في جميع أنحاء العالم ، نتوقع أن يكون عام 2023 هو العام الذي يعود فيه التواصل الشخصي in-person إلى الحياة مجدداً.
أربعة أيام عمل في الأسبوع
إذا كنت تهتم بالأخبار ، فستعرف أن بعض الشركات الكبرى مثل Microsoft Japan و Panasonic قد بدأت بالفعل في جعل أسبوع العمل أربعة أيام لموظفيها – وفي معظم الحالات ، تبدو النتائج واعدة.
في حالة Microsoft Japan ، قالت الشركة إنها شهدت زيادة بنسبة 40٪ في الإنتاجية . وشهدت دراسة طويلة الأجل في أيسلندا أن العمال أبلغوا بشكل كبير عن توازن أفضل بين العمل والحياة وانخفاض في مشاعر الإرهاق.
لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً بالنسبة لأصحاب العمل الآخرين لملاحظة أن نظام أربعة أيام عمل في الأسبوع سيساعدهم على الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين وحتى تقليل التكاليف مثل الكهرباء و النقل.
في الواقع ، يعتبر البعض تخفيض أيام العمل إلى أربعة أيام أسبوعياً وسيلة لمساعدة الشركات للوقوف على أقدامها في أعقاب جائحة فيروس كورونا.
الكفاءات من نصيب الشركات ذات المعايير الأخلاقية الأعلى
على الرغم من أن الأمور تتحسن الآن بعد إعادة فتح الحدود ، لا تزال العديد من الشركات تكافح لاستقطاب الكفاءات. يتمتع العمال في عام 2022 بمزيد من الخيارات حول مكان وكيفية العمل ، ولديهم سقف أعلى لما يطلبونه من أصحاب العمل.
لم يعد المطلوب فقط تقديم أجر تنافسي ومزايا أساسية. يريد الموظفون معرفة أن الشركة التي يعملون من أجلها تحترمهم وتحترم المجتمع ككل.
وهذا يعني أن الشركات التي ترغب في توظيف أفضل المواهب والاحتفاظ بها تحتاج إلى التركيز على زيادة مزايا الموظفين بطريقة ذات مغزى (لا مزيد من حفلات البيتزا و مسابقات الرقص).
يتعين على الشركات أن تكون صريحة وشفافة بشأن أخلاقيات الشركة ورسالتها. يجب على الشركات التي لديها أخطاءاً و تجاوزات أخلاقية تخفيها أن تعالجها فوراً ، لأن الموظفين لن يترددوا في إجراء أبحاثهم الخاصة حول ما يجري في شركاتهم وذلك كجزء من تقييمهم لمكان العمل و قرارهم البقاء فيه أم لا.
إن غداً لناظره قريب، ليس بلغة التهديد و الوعيد التي يستخدم بها هذا المثل عادة و إنما للدلالة على أهمية استقراء المستقبل و السعي لأن نكون جزءاً منه لا مراقبين خارجيين فقط. يعدكم روبودين أنه سيكون دائماً نافذتكم على هذا المستقبل لمساعدتكم على التخطيط للغد بطريقة أفضل.