هناك إشاعة مفادها أن بيل غيتس (Bill Gates) ،والعديد من مليارديرات وادي السيليكون المشهورين، بدأوا جميعاً من لا شيء وأسسوا شركاتهم العملاقة في مرائبهم الجذابة في الضواحي. عادةً ما يكون المعنى الضمني لهذه القصة : “لماذا أنت لست ثرياً؟ اذهب وتعلم البرمجة وابدأ شركة في المرآب الخاص بك كما فعلوا. ليس لديك أي عذر”. ربما الجزء المتعلق بالمرآب في هذه الأسطورة صحيح. لقد بدأت شركات Hewlett-Packard وApple وGoogle وAmazon وMicrosoft جميعها من الناحية الفنية في المرائب. لكن لم يبدأ أي من مؤسسي هذه الشركات من الصفر.
نشأة بيل غيتس
ينحدر غيتس (جيتس) من عائلة ثرية ولها علاقات مع نخبة المجتمع في سياتل. كان والده محامياً قوياً، وكان يأمل أن يلتحق ابنه أيضاً بكلية الحقوق. لكن غيتس كانت لديه أفكار أخرى. استفاد من إمكانية الوصول إلى كمبيوتر DEC PDP-10 في المدرسة الخاصة التي التحق بها، وقضى ساعات لا حصر لها في تعلم البرمجة.تزعم إحدى السيرة الذاتية أن غيتس ربما يكون هو من أنشأ أول فيروس كمبيوتر. كما ساعد جيتس الشاب في تصحيح أخطاء برنامج تستخدمه مؤسسة إدارة الطاقة في الولاية . أصبح جيتس صديقاً لطفل ثري آخر مهووس يحب أجهزة الكمبيوتر، إنه بول ألين Paul Allen. أسسوا معاً شركة Traf-O-Data، وهي شركة صغيرة تعتمد على البرامج التي تحلل أنماط حركة مرور المركبات المحلية.
تم دفع آلاف الدولارات للمراهقين مقابل هذا العمل. في عام 1975، بينما كان جيتس في جامعة هارفارد، أطلق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا جهاز Altair 8800، وهو أحد أقدم أجهزة الكمبيوتر الصغيرة.اتصل جيتس بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وعرض عليه تطوير برنامج (software) له. أسس غيتس وألين شركة جديدة، Micro-Soft، ودفعت لهم MITS مبلغ 3000 دولار بالإضافة إلى حقوق ملكية لغة البرمجة التي ساعدوا في تطويرها، Altair BASIC.
بيل غيتس (Bill Gates) يحارب سرقة البرامج
لم يشترك غيتس وألين في نادي Homebrew Computer Club الذي يمثل روح القراصنة التي يمكن اختزالها في “المعرفة يجب أن تكون مجانية”. على العكس من ذلك، كتب غيتس رسالة صادمة إلى النادي في عام 1976، بعنوان “رسالة مفتوحة إلى الهواة”. ويجادل بأن الوقت الذي قضاه هو وألين وموظفهم الوحيد في تطوير BASIC كان يساوي 40 ألف دولار على الأقل. ومع ذلك، كتب: معظم “المستخدمين” لم يشتروا BASIC مطلقاً. إن حجم بدل حقوق الملكية التي تلقيناها من المبيعات للهواة يجعل الوقت الذي نقضيه في Altair BASIC يساوي أقل من دولارين في الساعة. لماذا ؟ كما يجب أن يدرك غالبية الهواة في ناديكم، فإن معظمكم يسرقون برامجهم بدل شراءها. إنكم تدفعون ثمن الأجهزة، لكنكم تتشاركون البرامج بالمجان. من يهتم إذا كان الأشخاص الذين عملوا عليه يتقاضون رواتبهم؟ هل هذا عدل؟
ويتابع غيتس: إن بدل حقوق الملكية المدفوعة لنا كمبرمجين مقابل دليل المستخدم، والشريط، والنفقات العامة كانت لتمثل صفقة مقبولة لنا. لكن سرقة البرامج دمرت تلك الصفقة وبالتالي فإن مثل هذا السلوك سيمنع المبرمجين على المدى الطويل من كتابة البرامج الجيدة. من يستطيع القيام بعمل احترافي مقابل لا شيء؟
في الواقع، فإن الميزة الوحيدة التي تفقدها فيما لو سرقت البرامج ،التي تحدث عنها غيتس في رسالته، هي إمكانية الرجوع إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لحل بعض المشاكل التي قد تكون واجهتك. علماً أن MITS لا تجني المال من بيع البرامج.
العلاقات الشخصية في الأعمال – شركة IBM
سرعان ما تأسست حركة البرمجيات مفتوحة المصدر، وقام العديد من المتسللين الأقل ثراءً من جيتس بكتابة البرامج مجاناً. كذلك، فإن الإصدار الأصلي من BASIC تم تطويره بواسطة Kemeny و Kurtz في عامي 1963 و1964. لم يكن غيتس حينها ماهراً في إدارة الأعمال كما أصبح فيما بعد. قام بترخيص Microsoft BASIC لشركة Commodore بسعر رخيص. في عام 1977، حصل جيتس على إجازة مبررة ثانية من هارفارد، وفي عام 1979، نقل المقر الرئيسي لشركة مايكروسوفت إلى بلفيو، واشنطن، بالقرب من سياتل.
كما أن قصة MS-DOS (نظام تشغيل من Microsoft) هي أيضاً قصة أسطورية.كانت والدة جيتس، عضواً في مجلس إدارة شركة يونايتد واي، إلى جانب John Opel رئيس شركة IBM. في عام 1980، ذكرت شركة IBM حاجتها إلى نظام تشغيل للكمبيوتر الشخصي الذي كانت تعمل على تطويره. أخبرت السيدة جيتس زميلها (Opel) عن أعمال ابنها الصغيرة. وقد ساعدت تلك العلاقة العائلية بيل في الوصول إلى IBM.
يقال أن جيتس تعلم من والديه أهمية الانخراط في “العمل الخيري” لإخفاء أهدافه التجارية . في عام 1994، أسس جيتس مؤسسة خيرية عرفت لاحقاً باسم بيل وميليندا جيتس بدءاً من في عام 1999. وكانت أعمال اللقاحات الذي أدارتها المؤسسة بمثابة باب خلفي لشركات الأدوية للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للقاحات، مما عقد عملية الوصول إلى اللقاحات في العالم النامي. ولعبت المؤسسة دوراً رئيساً في منع الدول النامية من الحصول على لقاحات كافية لكوفيد-19. قامت المؤسسة أيضاً بتمويل تغييرات مدمرة لنظام التعليم العام في الولايات المتحدة.
كلمة أخيرة
في عام 2000، تولى ستيف بالمر منصب الرئيس التنفيذي بدلاً من جيتس، ليخلفه بعدها في العام 2014 (وحتى الأن) Satya Nadella، وعلى مدار القرن الحادي والعشرين بأكمله تقريباً، كانت وظيفة جيتس الرسمية هي إدارة مؤسسته. في أيار-2021، طلقت ميليندا جيتس بيل. منذ ذلك الحين، وهو يعيش بخصوصية شديدة في جزيرته الخاصة.