لقد ساهم تسارع التقدم التكنولوجي في تطور الاقتصاد لكنه ترافق أيضاً مع انتشار الجرائم الإلكترونية. و مع الفوائد العديدة للانترنت، إلا أنها الجهات الخبيثة وجدت فيها مدخلاً لاستغلال نقاط الضعف في الأنظمة المعلوماتية المتصلة بها. وبالتالي، من الضروري وضع استراتيجيات فعّالة لمنع ومكافحة الجريمة الإلكترونية وحماية الأفراد والمنظمات والمجتمع ككل.
ما هي الجريمة الإلكترونية؟
الجريمة الإلكترونية هي شكل حديث نسبياً من أشكال النشاط الإجرامي. يستخدم هذا التعبير لوصف الأفعال غير القانونية التي يتم تنفيذها باستخدام أجهزة الكمبيوتر أو الانترنت. وهي تغطي مجموعة واسعة من الأنشطة غير المشروعة التي تعتبر أجهزة الكمبيوتر أو الانترنت كأدوات و أهداف. ومع اعتماد المجتمع المتزايد على التكنولوجيا، أصبحت الجريمة الإلكترونية (السيبرانية) تهديداً يكاد لا يمكن السيطرة عليه. ويتزايد خطرها مع انتشار الاستخدام الواسع النطاق لأجهزة الكمبيوتر في الحياة اليومية. ويشمل مصطلح “الجريمة الإلكترونية” جرائم مختلفة، ومنها، نشر الرسائل الضارة و انتحال البريد الإلكتروني، ونشر المواد الإباحية إلكترونياً، والتشهير الإلكتروني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تندرج الجرائم التقليدية أيضاً ضمن فئة الجرائم الإلكترونية إذا ارتكبت من خلال وسائط الكمبيوتر أو الإنترنت. ويشمل ذلك أنشطة مثل الاختراق الإلكتروني وهجمات رفض الخدمة.
إن عواقب الجرائم الإلكترونية قد تكون وخيمة. فهي تؤدي إلى تعطيل البنية التحتية الحيوية، وتعريض الأمن الوطني للخطر. كما تسبب فوضى واسعة النطاق. وعلى الرغم من التقدم في التكنولوجيا، فإن الاستراتيجيات الحالية لمكافحة الجرائم الإلكترونية غير كافية. مما يستلزم تطوير المزيد من التدابير الوقائية. كما أن فهم الدوافع وراء الجرائم الإلكترونية يتطلب دراسة فهم الجناة والضحايا. غالباً ما يستهدف الجناة منظمات مثل المستشفيات والمكاتب الحكومية والمؤسسات المالية لسرقة البيانات السرية أو المعلومات الشخصية. من ناحية أخرى، غالباً ما يكون الضحايا مستخدمين غير مدركين لمخاطر أنظمة الكمبيوتر ويقعون فريسة لتكتيكات المجرمين.
من هم مجرمو الانترنت؟
يتضمن مجرمو الانترنت فئات مختلفة، أقلها خطراً هم الهواة الذين يسعون لتأكيد مهاراتهم أمام أقرانهم. ومن هذه الفئات ما يلي:
- المخترقين المحترفين: يمتلك هؤلاء الأفراد مهارات تقنية متقدمة. ويستغلون نقاط الضعف في أنظمة الكمبيوتر للحصول على وصول غير مصرح به، أو سرقة البيانات، أو تعطيل العمليات لتحقيق مكسب شخصي أو نية خبيثة. وعلى عكس المخترقين الهواة أو الأيديولوجيين، فإن المخترقين المحترفين مدفوعون في المقام الأول بالحوافز المالية.
- المحتالون: يستخدم المحتالون أساليب خادعة. ومنها، رسائل البريد الإلكتروني أو مواقع الويب الاحتيالية، لخداع الأفراد وإقناعهم بالكشف عن معلومات حساسة مثل كلمات المرور أو أرقام بطاقات الائتمان أو التفاصيل الشخصية، والتي يستغلونها بعد ذلك لتحقيق مكاسب مالية أو لسرقة الهوية. وقد يستخدم المحتالون مخططات، مثل عروض العمل المزيفة، أو عمليات الاحتيال باليانصيب. وكذلك، عمليات الاحتيال الرومانسية عبر الانترنت ، لخداع الضحايا لإرسال الأموال أو المعلومات الشخصية تحت ذرائع كاذبة.
- التهديدات الداخلية: يستغل المطلعون، مثل الموظفين الساخطين أو المتعاقدين، امتيازات الوصول الخاصة بهم لسرقة أو تسريب معلومات سرية. وقد يتورطون أيضاً بارتكاب عمليات احتيال أو تخريب أنظمة من داخل المؤسسة. ويمثل الموظفون الساخطون تهديداً كبيراً للأمن السيبراني، ولا سيما بسبب معرفتهم الداخلية وامتيازات الوصول داخل المنظمة. تتألف هذه المجموعة من الأفراد الذين تم إنهاء خدمتهم من قبل صاحب عملهم أو الغير راضين عن وضعهم الوظيفي الحالي.
- مطورو البرامج الضارة: يقوم هؤلاء الأفراد بإنشاء برامج ضارة، مثل الفيروسات أو الديدان أو برامج الفدية، مصممة
لإصابة أجهزة الكمبيوتر أو الشبكات، أو سرقة البيانات، أو ابتزاز الأموال من الضحايا. - مبتزو الانترنت: يهدد مبتزو الانترنت الأفراد أو المنظمات بالأذى. كما ينفذون خروقات البيانات، أو هجمات الحرمان من الخدمة الموزعة (DDoS) ما لم يتم دفع فدية.
- مشغلو شبكات البوتات: يتحكم مشغلو شبكات البوتات في أجهزة الكمبيوتر المخترقة، والمعروفة باسم شبكات البوتات، لشن هجمات منسقة أو توزيع البريد العشوائي أو تنفيذ أنشطة غير مشروعة أخرى عن بُعد.
الحرب السيبرانية
وقد تستخدم الدول الجريمة الإلكترونية في حروبها بأحد الأشكال التالية:
- الإرهاب الإلكتروني: يستغل هؤلاء الأفراد أو المجموعات التكنولوجيا لنشر الخوف، أو تعطيل البنية التحتية الحيوية، أو تنفيذ الأجندات الإيديولوجية من خلال الهجمات الإلكترونية.
- القراصنة الذين ترعاهم الدول: ينخرط مجرمو الانترنت الذين ترعاهم الدول في أعمال تجسس أو تخريب أو حرب إلكترونية للحصول على مزايا استراتيجية أو جمع معلومات استخباراتية أو تقويض الخصوم.
- التجسس الإلكتروني: يجري أولئك العملاء عمليات مراقبة سرية أو يسرقون معلومات حساسة أو أسرار تجارية أو ملكية فكرية نيابة عن وكالات حكومية أو شركات أو منظمات إجرامية.
لمحة عن الجرائم الإلكترونية
تتجلى الجريمة الإلكترونية في أشكال مختلفة، بما في ذلك جرائم البيانات وجرائم الشبكات. في جرائم البيانات، يعترض الجناة البيانات من أو إلى الأهداف لجمع معلومات حساسة. ويمكن أن يتضمن ذلك مراقبة حركة الشبكة أو ملاحظة تدفقات بيانات أخرى، مما قد يعرض خصوصية وسلامة الاتصالات للخطر. بالإضافة إلى ذلك، يحدث تعديل البيانات عندما يعترض أطراف غير مصرح لهم البيانات ويغيرونها أثناء النقل قبل إعادة إرسالها، مما يقوض موثوقيتها. تتضمن سرقة البيانات نسخاً للمعلومات من الشركات أو الأفراد، وغالباً ما تتضمن بيانات المستخدم أو التفاصيل المالية أو معلومات سرية أخرى، مع عواقب قانونية وخيمة على الجناة عند القبض عليهم.
من ناحية أخرى، تشمل جرائم الشبكات الوصول غير المصرح به ونشر الفيروسات. يتضمن الوصول غير المصرح به الدخول غير المشروع إلى أنظمة أو شبكات الكمبيوتر، إما من قبل المطلعين الداخليين أو المتسللين الخارجيين. يمكن أن يؤدي هذا الوصول غير المصرح به إلى خرق البيانات، أو سرقة المعلومات الحساسة، أو تعطيل الخدمات، مما يشكل مخاطر كبيرة على أمن المؤسسة. كما يتضمن نشر برامج ضارة، مثل الفيروسات أو الديدان أو أحصنة طروادة، والتي تصيب أنظمة الكمبيوتر أو الشبكات وتهدد أمنها. يمكن أن تسبب هذه البرامج الضارة أضراراً أو تعطل العمليات أو تسهل المزيد من الهجمات الإلكترونية، مما يسلط الضوء على أهمية تدابير الأمن السيبراني القوية للحماية من هذه التهديدات. وتشمل الجرائم ذات الصلة المساعدة والتحريض على الجرائم الإلكترونية، والتزوير والاحتيال المرتبطين بالكمبيوتر، والجرائم المتعلقة بالمحتوى كالاحتيال الرومانسي، والتشهير الإلكتروني، والتهديدات الإلكترونية.
بعض
- القرصنة: وهي الوصول غير المصرح به إلى أنظمة الكمبيوتر أو الشبكات، غالباً بقصد سرقة أو التلاعب بالبيانات، أو تعطيل العمليات، أو المساس بالأمن. يستغل المتسللون الثغرات الأمنية في البرامج أو الشبكات أو السلوك البشري
للوصول إلى معلومات حساسة أو السيطرة على الأنظمة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى خرق البيانات، أو الخسائر المالية، أو الإضرار بسمعة الأفراد أو المؤسسات. - هجوم رفض الخدمة: وهو يهدف إلى تعطيل الأداء الطبيعي لنظام الكمبيوتر أو الشبكة أو موقع الويب من خلال إغراقها بفيض من حركة المرور أو الطلبات. هذا يجعل الهدف غير قابل للوصول من قبل المستخدمين الشرعيين، مما يتسبب في تعطل الخدمة أو الخسائر المالية أو الإضرار بالسمعة. تتضمن هجمات رفض الخدمة الموزعة (DDoS) مصادر متعددة ومن الصعب بشكل خاص التخفيف منها.
- انتهاك الملكية الفكرية: ويشير إلى النسخ أو التوزيع أو الاستخدام غير المصرح به للبرامج المحمية بحقوق الطبع والنشر دون إذن من المالك أو حامل الترخيص. تقوض البرامج المقرصنة عائدات مطوري البرامج وموزعيها، وتنتهك حقوق الملكية الفكرية، وتعرض المستخدمين لمخاطر أمنية، حيث قد تحتوي الإصدارات المقرصنة على برامج ضارة أو تفتقر إلى التحديثات الأساسية.
- سرقة الهوية: الكشف عن معلومات شخصية خاصة بشخص ما، مثل رقم هاتفه أو اسم المستخدم أو رقم الضمان الاجتماعي أو التفاصيل المالية واستخدامها لارتكاب الاحتيال أو غير ذلك من الأنشطة الإجرامية. يتضمن الاحتيال باستخدام بطاقات الائتمان الاستخدام غير المصرح به لمعلومات بطاقة شخص آخر لإجراء عمليات شراء أو الحصول على أموال بشكل غير مشروع. يمكن أن تؤدي سرقة الهوية والاحتيال باستخدام بطاقات الائتمان إلى خسائر مالية و عواقب قانونية على الضحايا.
كلمة أخيرة
يفرض الانتشار المتصاعد للجرائم الإلكترونية تحديات كبيرة على الأفراد والمنظمات والمجتمع ككل. من الواضح أنه لا يوجد قطاع أعمال مستثنى من أنشطة المجرمين السيبرانيين. وإضافة لذلك، تتطلب التقنيات المتطورة التي يستخدمها مجرمو الانترنت بذل جهود متضافرة لتطوير تدابير وقائية قوية واستراتيجيات فعّالة لمكافحة مثل هذه التهديدات عبر الحلول التقنية وتشديد القوانين وحملات التوعية والتعاون الدولي.