أصبحت البيانات الآن السلعة الأكثر قيمة في العالم، يعتبرها البعض أكثر قيمة من النفط. وهي مثله، تحتاج إلى استخراجها وتنقيتها وتوزيعها بشكل صحيح. ولكن على عكس النفط، فإن البيانات لا حدود لها ويمكن استخدامها بطرق إبداعية لتعزيز القيمة في الأعمال. ومن هنا تنطلق أهمية استثمار البيانات بالطرق الأفضل.
ومنظور آخر، فإن البعض يرى أن البيانات ، على أهميتها، فإنها لا ترقى لأهمية النفط، فهي ليست مورداً محدوداً مثله. لكن يمكننا مشاركة البيانات وتحليلها دون أن تنضب بالإضافة إلى ذلك، تعتمد قيمة البيانات على وضعها في السياق الصحيح، وهي غالباً ما تتطلب تحليلاً لاستخراج القيمة، في حين أن النفط له قيمته الجوهرية كمادة خام. ومع التأكيد على أهمية البيانات في الاقتصاد العالمي فإن فكرة مقارنتها بالنفط، تبقى مجازية وتتضمن بعض المبالغة.
استخدام البيانات
تستخدم الشركات البيانات كجزء لا يتجزأ من استراتيجية أعمالها. البيانات اصل مهم إن لم نقل أنه أهم أصول الشركة. مع حوكمة و إدارة مستدامة للبيانات فإن منظمات الأعمال تجني فوائد مثل زيادة الأمان ومرونة أكبر. فالبيانات تدعم الابتكار والتحسين والتحول الرقمي، وتقلل المخاطر وتزيد الكفاءة. وباستخدام أدوات مثل التحليل المتقدم وإعداد التقارير والنمذجة التجارية، تعتبر البيانات بمثابة محرك للنمو.
ولكن، حتى مع هذه الصورة الوردية للفوائد، فإن مايقارب ربع الشركات لا تتبنى استراتيجية واضحة لإدارة البيانات وتواجه خطر الفشل أمام منافسيها نتيجة هدر الموارد وضعف الابتكار. على سبيل المثال، اكتشفت إحدى الشركات ،بعد الاستثمار في استراتيجية للبيانات،أن إدارتين في الشركة كانتا يشتريان نفس المنتجات من نفس المورد بأسعار مختلفة. لكن تحليل البيانات ساعدهم في إعادة التفاوض وتحسين إدارة علاقتهم مع ذلك المورد و توفير مبالغ كبيرة.
تمكين البشر من استثمار البيانات
بعد البيانات، يأتي الأشخاص في المرتبة الثانية من حيث القيمة. وفي حين أن البيانات هي أصل قوي، إلا أنها مفيدة فقط بقدر الأشخاص الذين يفهمونها ويستخدمونها. ولذلك، من المهم جداً تمكين هؤلاء الموظفين والتأكد من حصولهم على الأدوات المناسبة لاستخدام البيانات بشكل صحيح. والسؤال الذي يطرحه الكثيرون هو كيفية بناء ثقافة تعتمد على البيانات. ربما أحد أجزاء الإجابة على هذا السؤال المهم تكمن في تمكين الموظفين بالأدوات والتدريب المناسبين لتفسير تلك البيانات. لا يتعلق مفهوم التمكين بالتكنولوجيا فقط، بل يتعلق أيضاً بالعقلية والعادات والمهارات. وهي بالمناسبة، عملية تبدأ من الأعلى إلى الأسفل، من المستوى التنفيذي، نزولاً إلى كل مفاصل العمل بجميع مستوياته. كما يجب التأكد من جعل البيانات في متناول الجميع وفق مبدأ الحاجة للمعرفة. حيث تمنح استراتيجية البيانات الفعالة الأشخاص المعلومات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات أفضل بشكل أسرع. إنها تمكن الموظفين من اتخاذ الإجراءات المناسبة في التوقيت الأمثل.
توظيف الذكاء الاصطناعي في استثمار البيانات
لايمكننا الحديث عن قوة البيانات دون تناول تأثير الذكاء الاصطناعي عليها. يتجاوز التعلم الآلي التقارير التقليدية إلى التحليلات التنبؤية والوصفية ويمكن أن يساعد الشركات على التنبؤ بالنتائج المستقبلية. إنه تطور جوهري من التحليلات البسيطة، التي تركز مثلاً على ما حدث الأسبوع الماضي إلى مستوى استقرائي يتضمن رؤية لما سيحدث من ناحية التوريد، البيع و الأرباح. وكذلك إلى امتلاك إجابات منطقية على أسئلة “ماذا لو” التي تتعلق بالمستقبل.
يمكن لللذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أن يساعد الشركات ليس فقط في تحليل الماضي ولكن أيضاً في التنبؤ بنتائج الأعمال المستقبلية وتحسين العمليات من الصيانة التنبؤية في التصنيع إلى التسويق والبيع بالتجزئة. يمكنه تقييم متى لا تبدو الأمور على ما يرام والتنبؤ بالفشل في المستقبل. دائماً، من الأرخص بكثير التنبه إلى ضرورة إصلاح شيء ما قبل أن يتحطم نهائياً. وهو ما توفره رؤى الأعمال المبنية على البيانات التي تتجنب معها المخاطرة بفقدان المخزون في مستودعاتك وخوض تجربة قاسية مثل توقف العمل. أصبح التعلم الآلي أكثر انتشاراً في اكتشاف الأنماط والاتجاهات غير المرئية للمحللين البشريين، وذلك باستخدام خوارزميات معقدة للغاية تتجاوز مقدرات البشر. لنتذكر، إذا كان بإمكانك التنبؤ بالمستقبل، فستحصل على ميزة تنافسية.
دور التعلم الآلي في إدارة البيانات
تطلب نماذج التعلم الآلي مجموعات بيانات ضخمة لتعلم الأنماط وإجراء التنبؤات وتحسين الدقة. تؤثر كمية ونوعية البيانات بشكل مباشر على أداء النموذج. ومع نشر نماذج الذكاء الاصطناعي، ستساعدها البيانات على التعلم المستمر، مما يسمح لها بالتكيف مع الظروف المتغيرة. فيما يلي، بعض الطرق التي يمكن للشركات الاستفادة بها من الذكاء الاصطناعي:
- الصيانة التنبؤية والمراقبة
- تعزيز الأمان واكتشاف التهديدات
- تخطيط السعة وتحسين الموارد
- رؤى العملاء والتحليلات التنبؤية
- أتمتة المهام الروتينية لتحسين التكلفة
- أتمتة الامتثال والتدقيق وتحسين التعافي من الكوارث
كلمة أخيرة
وبما أن كل عمل يحتاج إلى استراتيجية، فلماذا لا تستفيد من البيانات وتدمجها في استراتيجيتك للحصول على رؤى أعمق حول كل شيء من تطوير المنتج إلى تجربة العملاء. لكن من المهم عدم التسرع. إن إصلاح المسننات الصغيرة في الآلة، سيضمن أن الآلة الكبيرة ستستمر في الدوران. لذلك، من المهم توظيف البيانات في كل زوايا الأعمال لبناء المستقبل.