التوائم الرقمية – لمحة موجزة

في التوائم الرقمية، حيث يتم جمع البيانات ومعالجتها وتحليلها في الوقت الفعلي، مما ينشئ نسخاً افتراضية من الأنظمة الفيزيائية تتزامن مع البيانات الواقعية.

37 مشاهدة
6 دقائق
التوائم الرقمية

انطلقت الثورة الصناعية الرابعة (Industry 4.0)، مدفوعة بالتطورات السريعة في التكنولوجيا الرقمية والذكاء. من بين أكثر المفاهيم تقدماً في (الصناعة 4.0) انترنت الأشياء الصناعي (IIoT) والتوائم الرقمية. تتيح هذه التقنيات جمع البيانات ومعالجتها وتحليلها في الوقت الفعلي، مما ينشئ نسخاً افتراضية من الأنظمة الفيزيائية تتزامن مع البيانات الواقعية. وفقاً للمقال الذي يشاركه معكم روبودين، تُحدث التوائم الرقمية تحولاً في الصناعات والمدن الذكية والرعاية الصحية وإدارة سلاسل التوريد، مما يقدم فرصاً غير مسبوقة للكفاءة وتوفير التكاليف والابتكار.

مفهوم التوائم الرقمية

وفقاً لشركة سمينز (Siemens)، فالتوأم الرقمي هو تمثيل رقمي لأصل مادي أو عملية بناءاً على محاكاة قوية تعتمد على علوم الفيزياء. يمكن أن يتراوح ذلك من المنتجات الصغيرة إلى الآلات الكبيرة أو حتى مصانع بأكملها. يساعد التوأم الرقمي في تحديد وتحسين المنتجات وأنظمة الإنتاج، مما يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى النماذج الأولية (prototypes) قبل اتخاذ قرار الاستثمار في الأصول المادية، ويساهم في توفير موارد قيمة. بالإضافة إلى ما سبق، يتم تحديث التوأم الرقمي باستمرار ليعكس أي تغيير في نظيره المادي طوال دورة حياة المنتج، مما يخلق حلقة مغلقة من التغذية الراجعة في بيئة افتراضية. ويمكّن ذلك الشركات من تحسين منتجاتها وعمليات الإنتاج وسلسلة التوريد باستمرار وبتكاليف منخفضة.

يتيح العمل مع التوأم الرقمي مساحة أكبر من الحرية، خالية من القيود أو العواقب المكلفة. إذا لم ينجح التوأم الرقمي يمكن للشركات إعادة تعيين المحاكاة والمحاولة مرة أخرى مع محددات مختلفة. تلهم تقنية لتوأم الرقمي كل من المبدعين والمبتكرين وتدفعهم لتقديم أفكاراً جديدة حول كيفية تحسين المنتجات والإنتاج، وتقليل التكاليف والبصمة الكربونية، وخلق نماذج أعمال جديدة وتدفقات إيرادات.

المكونات الرئيسة للتوائم الرقمية

1. الأشياء الفيزيائية (P): تتكون من أجهزة استشعار، مشغلات، عمليات، أحداث، تخزين البيانات، مصادر الطاقة، وواجهات الشبكة.

2. الأشياء الافتراضية (V): نظائر افتراضية للعناصر الفيزيائية، بما في ذلك أجهزة استشعار افتراضية، مشغلات، وحدات وظيفية، أحداث، تخزين البيانات، وقنوات الاتصال.

ومن خلال دمج هذه المكونات يتم تحقيق التزامن والتحكم في الوقت الفعلي، مما يجعل التوأم الرقمي حجر الزاوية في الثورة الصناعية الرابعة.

تطبيقات تقنية التوائم الرقمية

1. تلعب التوائم الرقمية دوراً حيوياً في تحسين بنية توليد الطاقة وتوزيعها. من خلال محاكاة السيناريوهات الواقعية، تسمح للمعنيين اتخاذ قرارات أفضل، الصيانة التنبؤية، وإدارة الطاقة بكفاءة.

2. أحدثت التوائم الرقمية تحولاً في تخطيط المدن وتطويرها. ترينا دراسات حول مدن أمريكية وألمانية كيف يمكن لنماذج المدن الافتراضية تحليل أنماط المرور، جودة الهواء، وأداء البنية التحتية. تُساعد هذه الأفكار صانعي السياسات على اتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين ظروف الحياة الحضرية.

3. تمثل القدرة على إنشاء توائم رقمية للكائنات الحية تقنية ذات قيمة كبيرة في الرعاية الصحية. تشمل تطبيقات هذه التقنية مراقبة صحة المرضى، التنبؤ بالأمراض، تحسين الصحة العقلية، وتعزيز معدلات نجاح العمليات الجراحية. يتم تطوير أنظمة قائمة على السحابة مثل CloudDTH لمراقبة وتشخيص خدمات صحة كبار السن، كما يتم استخدام التوائم الرقمية في تطوير الأدوية وإدارة المستشفيات.

4. تُبسط التوائم الرقمية عمليات سلسلة التوريد من خلال تمكين تبادل البيانات في الوقت الفعلي، التنبؤ، والتخطيط. كما تقلل من أوقات التنفيذ، تُحسن الإنتاج، وتعزز تجربة العملاء. على سبيل المثال، يصور نهج التوأم الرقمي متعدد الطبقات ويُحاكي النموذج الرقمي الكامل للشركة، مما يعزز الكفاءة والإنتاجية.

5. مثلت التوائم الرقمية ثورة في التصنيع من خلال تمكين الإنتاج الذكي، التعاون بين الإنسان والروبوت، والصيانة التنبؤية. تُحسن عمليات الإنتاج، تقلل التكاليف، وتُحسن جودة المنتجات. تُبرز دراسات حالة حول آلات صنع الأجهزة الصناعية إمكانات التوائم الرقمية في مراقبة الأداء والتنبؤ بالاستخدام.

6. تستفيد أنظمة الإنتاج المتعددة الاستخدامات بشكل كبير من التوائم الرقمية، التي تُسهل الكشف عن الشذوذ، تحسين التصميم، وإدارة الطاقة. طورت مشاريع مثل IMPROVE واجهات بين الإنسان والآلة لتعزيز كفاءة الأنظمة السيبرانية الفيزيائية، مثل أنظمة تخزين الرفوف العالية.

بفضل التوائم الرقمية، يتمكن المهندسون من تصحيح الأخطاء وتحسين تصميم منتج أو عملية إنتاج قبل أن يتم بناء النظام، مما يؤدي إلى توفير كبير في التكاليف. ويكمن مستقبل هذه التقنية في دمجها مع تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، التعلم الآلي، وانترنت الأشياء. تستخدم شركات مثل تسلا، مايكروسوفت التوائم الرقمية لتعزيز أداء المنتجات، كفاءة الإنتاج، وتجارب العملاء. مع تطور التكنولوجيا، ستصبح التوائم الرقمية لا غنى عنها في إنشاء المنتجات الذكية، تحسين عمليات التصنيع، ومعالجة التحديات في الرعاية الصحية وتخطيط المدن.

المخاطر السيبرانية

  • إذا لم يتم حماية بيانات التوائم الرقمية بشكل كافٍ، يمكن الوصول إليها من قبل مستخدمين غير مصرح لهم، مما يؤدي إلى خروقات بيانات.
  • سرقة الملكية الفكرية، مثل التصاميم أو العمليات، مما يؤثر على التنافسية.
  • بغياب طرق مصادقة قوية، فقد يتمكن المستخدمون غير المصرح لهم من الوصول إلى النظام والتلاعب أو سرقة البيانات.
  • التلاعب بالبيانات نتيجة الجهات الضارة الداخلية (insiders)

كلمة أخيرة

تُعيد التوائم الرقمية تشكيل الصناعات والأنظمة الذكية من خلال سد الفجوة بين العالمين الفيزيائي والرقمي. تمتد تطبيقاتها إلى أنظمة الطاقة، المدن الذكية، الرعاية الصحية، إدارة سلسلة التوريد، والتصنيع، مما يقدم فرصًا غير مسبوقة للابتكار والكفاءة. مع استمرار البحث والتطوير، ستلعب التوائم الرقمية دوراً محورياً في تشكيل مستقبل الصناعة 4.0 وما بعدها.

شارك المقال
اضف تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *