تلقينا ببالغ الحزن والأسى نبأ الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق واسعة في سوريا و تركيا هذا الأسبوع مخلفاً ألاف الضحايا وخسائر مادية فادحة. يتقدم روبودين بخالص التعزية و المواساة لعائلات الضحايا و يتمنى الشفاء للجرحى و المصابين. بالنسبة لبلداننا جرت العادة في تقييم المخاطر على اعتبار كوارث الزلازل على أنها أحداث نادرة ، لكنها ذات ضرر بالغ. من حيث المبدأ، تهدد الزلازل مبدأ أساسي من مبادئ أمن المعلومات و هو توافر المعلومات. و من هنا تأتي ضرورة اتخاذ إجراءات حماية ومنها بناء مراكز البيانات المقاومة للزلازل. لهذه المراكز تكلفة إضافية ، لذلك يختار معظم البناة عدم استثمار أموال إضافية فيها على الرغم من إدراكهم لاحتمال وجود “خطر كبير”. إنطلاقاً مما سبق، يناقش هذا المقال بعض الأفكار الخاصة بحماية المعلومات من مخاطر الزلازل.
مراكز البيانات المقاومة للزلازل – الأولويات
إذا كنت تعمل في منطقة نشطة زلزالياً، تتمثل الخطوة الأولى في الحماية من الزلازل في تحديد المخاطر التي تتعرض لها. كلما كنت قريباً من مناطق الصدع و المناطق ذات النشاط الزلزالي الأعلى كلما توجب عليك استثمار مبالغ أكبر في الحماية. لذلك من المهم التأكد من الوصول إلى البيانات الزلزالية التاريخية للمنطقة لمعرفة المبلغ الذي يجب أن تستثمره في الحماية أو ربما لتصرف النظر كلياً عن فكرة بناء مركز بيانات في الموقع المعني.
لكن بجميع الأحوال فإن هناك أولويات مختلفة للتعامل مع الزلازل . إحدى هذه الأولويات هو الحفاظ على المباني قائمة ، لكن مع إعطائها المرونة الكافية لتتحرك قليلاً أثناء الزلزال. قد يبدو ذلك مناسباً لبناء سكني لكنه يبدو مشكلة لمبنى مليء بأرفف المخدمات وتجهيزات الشبكات ومعدات تزويد الطاقة. لذلك من الضروري التفكير بمبنى لا يحافظ على سلامة الناس فحسب ، ولكن يحافظ على سلامة المعدات بداخله.
لذلك يستخدم مصممو مراكز البيانات المقاومة للزلازل جدران رقيقة ذات قضبان فولاذية لتقليل حركة المبنى. بالإضافة لتجهيزات في قاعدة البناء لامتصاص موجات الصدمات الناتجة عن الزلزال و أدوات لمرونة النوافذ لمنع سقوط الزجاج. في الأساس يتم تعزيز المبنى المقاوم للزلازل بحيث لا يتحول إلى أنقاض (مما يعطي الناس الفرصة لمغادرة المبنى) وقديحتوي الهيكل المضاد للزلازل على ميزات إضافية مصممة لحمايته أثناء تحركه بفعل الزلزال.
الاستعداد للأسوأ
من المهم تطوير قوانين البناء وتقليل الفجوة بين التصميم الهندسي على الورق وبين الواقع . يضاف القصور الخبرات الهندسية في بعض بلداننا العربية لتراجع أولويات الاستثمار في مواد البناء المقاومة للزلازل إن كان لعدم اقتناع أصحاب القرار بإمكانية حدوث الزلازل أو لاختلاف في ترتيب الأولويات وفق الظروف المادية و الاقتصادية الصعبة الذي تعيشها هذه البلدان. مع ذلك، من الضروري توفير مستوى عالي من الحماية الاستباقية لتحمل الأحداث الزلزالية.
يعد استخدام رفوف ضمن الخزن server rack shelf لتثبيت الخوادم وتخزين البيانات الهامة طريقة فعالة وآمنة من ناحية استثمار المساحة. ومع ذلك ، فإن طريقة تخزين البيانات هذه تعرض المؤسسة للخطر. يمكن أن يكون الضرر الناجم عن الأحداث الطبيعية مدمراً لمعظم أنواع رفوف المخدمات التقليدية. ينطبق ذلك بشكل خاص على الزلازل.
ضع في اعتبارك أن موقع مركزك داخل المبنى يؤثر على المخاطر. عادةً ما تكون الطوابق العليا ذات مخاطر أعلى من تلك الموجودة في الطابق السفلي. كما يعد استخدام رفوف مخدمات مخصصة لمقاومة الزلازل أحد أفضل الطرق للحفاظ على أمان بياناتك. تحتوي هذه الرفوف على قواعد مُحسّنة وأجهزة تثبيت أقوى للحفاظ على الرف في مكانه. ويتم أيضاً تقوية الأرضيات وتنظيم الكابلات في مركز البيانات للاستعداد بشكل أفضل لزلزال. سيؤدي تقليل الضرر قدر الإمكان إلى تسريع أعمال التعافي بعد وقوع كارثة طبيعية.
من المهم فحص الرفوف وأنظمة التدعيم بانتظام. و بالنسبة للمبنى فقد يتطلب الأمر التعاقد مع فريق هندسي للتحقق من جميع مباني المؤسسة والإشارة إلى أي نقاط ضعف لمعالجتها في أسرع وقت ممكن للحفاظ على أمان بياناتك.
كابوس فقدان البيانات
بشكل عام ، يعد فقدان البيانات وتلف الملفات وتلف المعدات بمثابة كابوس للشركات العالمية المتخصصة بإدارة البيانات و تخزينها و لذلك تسعى لتخفيف مخاطر الأضرار الناجمة عن الزلزال لمراكز البيانات عبر تدابير معقدة مطبقة في الموقع و كذلك عبر دراسات علمية دقيقة لاختيار مواقع بعيدة عن مثل هذه الكارثة.
غالبًا ما يكون الحصول على نسخ احتياطية خارج الموقع هاجساً لمختصي أمن و تكنولوجيا المعلومات ، بغض النظر عما إذا كانت هذه المواقع موجودة في مناطق معرضة للكوارث أم لا – فهذا أمر منطقي و غير مكلف -نسبياً- من الناحية المالية. كما أن هناك خيارات موازية للحفاظ على توافر الخدمات و منها تشغيل مركز بيانات الطوارئ DRC إن كان في موقع آخر تملكه المؤسسة أو عبر تأجير مساحة من مزود محلي أو عبر مركز بيانات في السحابة الحاسوبية. توفر السحابة حلاً مقبولاً من ناحية التكلفة و المرونة لأنه يسمح بتخصيص ميزانية حسب الحاجة.
مراكز البيانات المقاومة للزلازل- كلمة أخيرة
نؤمن أن ما هو مقدر من الله سيحدث حكماً و أننا لا يمكننا تجنب الزلازل. و لكننا نحاول فقط الأخذ بالأسباب لحماية المعلومات من الضرر. إضافة لما سبق من إجراءات فنية و هندسية يجب أن يكون موظفو مركز البيانات على دراية بمسؤولياتهم الإضافية من ناحية التعامل مع الزلازل، ويجب أن يتم تدريبهم ليس فقط على تحديث المعدات والتدابير الأمنية ، ولكن أيضاً على امتلاك الكفاءة المناسبة و الهدوء في حالة حدوث أزمة. يمكن أن تكون عمليات محاكاة الزلازل طريقة فعالة لمراقبة مستوى استعداد الموظفين وكفاءتهم وتطوير قدرتهم على التفكير المنطقي والعمل الجماعي، وهو رصيد لا يقدر بثمن لمواجهة سيناريو قاسي مثل الزلزال.