تسعى وزارة العدل الأمريكية إلى إجبار جوجل على بيع متصفح كروم ( Chrome). يعتبر ذلك جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً لتفكيك احتكار الشركة المزعوم في البحث والإعلان عبر الانترنت. تأتي هذه الخطوة في أعقاب حكم محكمة فيدرالية أتهم جوجل بأنها تحتكر خدمات البحث بشكل غير قانوني. فلماذا يحدث ذلك؟
اتهامات بالاحتكار
اقترح مسؤولون في مجال مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة إجبار شركة جوجل على بيع متصفح الويب الخاص بها كروم. يأتي ذلك بعد إدانة الشركة باحتكار سوق البحث بشكل غير قانوني. وبالتالي، فإن مصير متصفح كروم المملوك لشركة Alphabet Inc.، الشركة الأم لشركة جوجل، في أيدي القضاء.
في شهر آب-2024 خسرت شركة الانترنت العملاقة ألفابت (Alphabet ) أكبر تحدٍ لمكافحة الاحتكار واجهته على الإطلاق. في ذلك الوقت، وجد قاضٍ أمريكي أن شركتها التابعة جوجل احتكرت سوق البحث بشكل غير قانوني. ونتيجة لهذا الحكم، اقترحت وزارة العدل الأمريكية إجبار جوجل على بيع متصفح كروم الخاص بها. وفقاً لمذكرة أقرت حينها. وأفادت بلومبرج الأسبوع الماضي أن وزارة العدل تهدف إلى فرض بيع جوجل كروم بمبلغ قد يصل إلى 20 مليار دولار. لكن، إذا وافق قاضٍ فيدرالي على بيع المتصفح، فتلك ستكون ضربة كبيرة محتملة لثاني أكبر شركة تكنولوجيا في العالم.
وقالت وزارة العدل ومسؤولو مكافحة الاحتكار في الولايات أن سلوك جوجل غير قانوني. كما إنه حرم المنافسين من القنوات والشركاء الذين يمكنهم تمكين دخول المنافسين إلى هذه الأسواق. وخصوصاً أن شركة ألفابت دفعت ما مجموعه 26 مليار دولار في عام 2021 لجعل كروم الخيار الافتراضي على الهواتف الذكية ومتصفحات الويب. أدى ذلك لمنع المنافسين الآخرين من النجاح في نفس السوق. وظلت هيمنة جوجل بلا منازع لأكثر من عشر سنوات. من الواضح أن اتفاقيات توزيع جوجل تحتكر جزءاً كبيراً من سوق خدمات البحث العامة وتضعف فرص المنافسين.
لماذا يجب بيع متصفح كروم
- الهيمنة على السوق: تمتلك كروم حصة كبيرة من سوق المتصفحات. والتي تزعم وزارة العدل أنها تمكن جوجل من تعزيز هيمنتها في البحث والإعلان من خلال تعيين محركات البحث الافتراضية والترويج لخدماتها الخاصة.
- الحد من المنافسة: تزعم وزارة العدل أن دمج جوجل لكروم مع محرك البحث ومنصات الإعلان الخاصة يعيق المنافسين. كما يحد من اختيار المستهلك ويخنق الإبداع.
- فرض الاحتكار: تُرى صفقات جوجل لجعل محرك البحث الخاص بها هو الافتراضي على أجهزة ومتصفحات مختلفة على أنها تكتيكات للحفاظ على احتكارها. مما دفع وزارة العدل إلى البحث عن حلول تشمل بيع كروم (Chrome).
أهمية المتصفح كروم “Chrome”
طلبت وزارة العدل من القاضي المعني بهذه القضية تحديد المتطلبات الخاصة بالذكاء الاصطناعي. وكذلك نظام تشغيل الهواتف الذكية أندرويد من جوجل لفهم متطلبات ترخيص البيانات.واتسعت دائرة الولايات المشاركة بالدعوى ضد جوجل إلى الدعوى التي ستعقد جلستها القادمة يوم 26 تشرين الثاني. ومن المهم لنا معرفة، أن بيع جوجل لكروم “Chrome”من شأنه أن يؤثر على أعمال الإعلان الخاصة بالشركة. تبلغ القيمة السوقية لشركة Alphabet Inc أكثر من 2 تريليون دولار، ويرجع جزء كبير من هذه القيمة إلى أعمال الإعلان المربحة للغاية التي تقوم بها جوجل، وفق ما تراه المحكمة.
سوق الإعلانات
إن خسارة كروم ستكون ضربة شديدة لجوجل. في حين يتم إجراء أغلب عمليات البحث العالمية من خلال جوجل، يعتمد أكثر المستخدمين على متصفح الشركة، جوجل كروم، لإجراء عمليات البحث هذه. ويعمل كروم كبوابة جوجل إلى الانترنت. فهو يسمح للشركة بالترويج لمنتجاتها الخاصة والاحتفاظ بالعملاء، بما في ذلك خدمات مثل Gmail للبريد الإلكتروني وGemini للذكاء الاصطناعي.
ولكن الأهم من ذلك، أن كروم (Chrome ) هو جزء أساسي من أعمال جوجل الأساسية لبيع الإعلانات على الانترنت. على عكس عمليات البحث التي يتم إجراؤها عبر متصفحات أخرى، يسمح Chrome لـ Google بجمع بيانات أكثر بكثير، مثل سلوكيات البحث والمواقع المفضلة. تساعد هذه الثروة من المعلومات Google في استهداف إعلاناتها بكفاءة أكبر.
يعد Chrome المتصفح الأكثر استخداماً في الولايات المتحدة، حيث يبلغ 61% من السوق، وفقاً لشركة تحليلات حركة المرور على الويب StatCounter. وقالت الشركة إن محرك بحث Google يمتلك أكثر من 88% من سوق محركات البحث في الولايات المتحدة. كما استخدمت Google Chrome لتوجيه الأشخاص إلى Gemini، منتج الذكاء الاصطناعي الرائد للشركة، والذي يمكن أن يتحول من بوت إجابة إلى مساعد يتبع المستخدمين في جميع أنحاء الويب.
وجاء في مذكرة القاضي الذي يتولى هذه القضية ضد جوجل: ربما يكون دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي هو أوضح مثال على المنافسة التي تعمل على تعزيز جودة البحث. ويرى محللون اقتصاديون أنه إذا تمت عملية البيع، فإن Chrome ستكون قيمته ما لا يقل عن 15 إلى 20 مليار دولار، نظراً لأنه يضم أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط شهرياً. علماً أن المتصفح “كروم” لا يمكن تحقيق الربح منه بشكل مباشر. فهو بمثابة بوابة لأشياء أخرى. وليس من الواضح كيف يمكن قياس ذلك من منظور توليد الإيرادات.
كلمة أخيرة
صرحت شركة جوجل أن وزارة العدل -عبر هذه القضية- تواصل دفع أجندة تتجاوز بكثير القضايا القانونية في هذه القضية. واعتبرت أن الضغط الذي تمارسه الحكومة بهذه الطرق من شأنه أن يلحق الضرر بالمستهلكين والمطورين والقيادة التكنولوجية الأمريكية في الوقت التي تشتد الحاجة إليها. والجدير بالذكر أنه خلال الفترة الأولى للرئيس ترامب، قاد دعوى مكافحة الاحتكار التي رفعتها وزارة العدل ضد جوجل في عام 2020 من منطلق أن الشركة استخدمت تكتيكات واستراتيجيات غير قانونية لاحتكار محركات البحث. ومن غير الواضح ما إذا كان ترامب سيستمر في دعم جهود وزارة العدل ضد جوجل.