مع تزايد وتيرة التهديدات السيبرانية وتطورها، أصبح الأمن السيبراني مصدر قلق بالغ للشركات. لذلك، يجب على المؤسسات اتخاذ تدابير استباقية لحماية بياناتها الحساسة وملكيتها الفكرية ومعلومات العملاء. يعرض روبودين بشكل موجز في هذا المقال لأهمية الأمن السيبراني في الشركات ويقدم رؤى حول كيفية التحكم في أمنها السيبراني للتخفيف من المخاطر وتعزيز المرونة وحماية عملياتها. كما يتحدث عن الانتقال من الخبرة الفنية إلى التركيز على المهارات التنظيمية والحوكمة لإدارة مخاطر الأمن السيبراني للأعمال. والتدابير الاستباقية المطلوبة للتخفيف من مخاطر الأمن السيبراني، مع التركيز على أهمية تحديد الاحتياجات الأمنية، وضمان الامتثال، ومحاكاة المخاطر و ترتيب الأولويات.
التهديدات على الأمن السيبراني في الشركات
أصبح مشهد التهديدات للشركات أكثر خطورة من أي وقت مضى. يعمل مجرمو الانترنت باستمرار على تطوير تكتيكاتهم، ويسعون إلى استغلال نقاط الضعف والوصول غير المصرح به إلى البيانات الحساسة. من هجمات برامج الفدية إلى خروقات البيانات، تتعرض الشركات من جميع الأحجام والصناعات للخطر. من الضروري للشركات أن تفهم مشهد التهديدات المتزايد باستمرار وأن تتخذ تدابير استباقية لحماية نفسها.
يمكن لعواقب انتهاك الأمن السيبراني أن تكون مدمرة للشركة. وبصرف النظر عن الخسائر المالية الناتجة عن سرقة البيانات أو تعطل العمليات، هناك أيضاً خطر الإضرار بسمعة الشركة وفقدان ثقة العملاء. ومع تزايد الهجمات المتطورة، لا يمكن لأي شركة أن تدعي امتلاكها أماناً كاملاً في مواجهة تلك الهجمات. ولذلك، فإن إعطاء الأولوية للأمن السيبراني ليس مجرد مسألة امتثال، بل هو مسألة بقاء.
لقد طور المهاجمون السيبرانيون أساليبهم، و باتوا يتوقعون الإجراءات المطبقة والتي ستتخذها الشركات. يتعرف المهاجمون السيبرانيون باستمرار على ضحاياهم ويراقبونهم، مما يمكنهم من البقاء متقدمين بخطوة. ومن جانبها، تحتاج الشركات إلى تطوير استراتيجية الحماية الخاصة بها، وتأمين ما هو حساس، وعزل الأصول الحيوية لتقليل احتمالية الخطأ.
إنشاء إطار قوي للحوكمة
يعد وجود إطار حوكمة قوي أمراً ضرورياً لإدارة الأمن السيبراني بشكل فعال. يتضمن ذلك إنشاء سياسات وإجراءات وإرشادات تحدد كيفية تعامل الشركة مع بياناتها وحمايتها. ويتضمن أيضًا تحديد أدوار ومسؤوليات واضحة للأمن السيبراني، والتأكد من أن الموظفين على دراية بالتزاماتهم ومسؤولين عن أفعالهم. يساعد إطار الحوكمة القوي على ضمان ترسيخ الأمن السيبراني في ثقافة الشركة من الأعلى إلى الأسفل.
كما يعد تعيين أدوار ومسؤوليات محددة للأمن السيبراني داخل الشركة أمراً بالغ الأهمية. يتضمن ذلك تعيين الأفراد أو الفرق المسؤولة عن مراقبة التهديدات والاستجابة لها، وتنفيذ الضوابط الأمنية، والبقاء على اطلاع بأحدث اتجاهات الأمن السيبراني وأفضل الممارسات. ومن خلال تحديد هذه الأدوار بوضوح، يمكن للشركات التأكد من أن الجميع يفهم مسؤولياتهم ويمكنهم المساهمة بشكل فعال في جهود الأمن السيبراني في أي منظمة أعمال.
التدابير الاستباقية
من المهم التأكد من أن الشركة على دراية باحتياجاتها الأمنية، وتحديدها بوضوح من خلال إشراك مديري الأعمال: الهدف الرئيسي من هذا الإجراء هو تحديد الأصول المراد حمايتها. بناءً علىى ذلك يتم التحقق من تطبيق التدابير الأمنية المطلوبة لتحقيق الهدف بشكل صحيح.
يتضمن هذا ببساطة إجراء قياس للفجوات في نظام المعلومات الخاص بالشركة لتحديد مستوى نضج التدابير المطبقة بالفعل، وفيما لو كانت تتوافق مع أحدث الخبرات و الممارسات العالمية و كذلك الإطار التنظيمي الذي تعمل الشركة ضمنه. بناءاً على هذه النتائج، تتم محاكاة المخاطر للتحقق مما إذا كان من المحتمل أن تتعرض الشركة للهجوم على أن يتُحدد سيناريوهات المخاطر ومستوى احتماليتها عبر إعطاء الأولوية للسيناريوهات الأكثر احتمالاً لاتخاذ إجراءات المعالجة المطلوبة بأسرع وقت.
الامتثال و الأمن السيبراني
يعد الامتثال أحد مسببات وجود استراتيجية قوية للأمن السيبراني. يجب على الشركات أن تتساءل باستمرار عن مستوى امتثالها للمعايير الأمنية. وهذا النهج القائم على الامتثال سيسهل تنفيذ عملية التحسين المستمر وصولاً للمرونة السيبرانية.
حتى الآن، فإن اللائحة التنظيمية الوحيدة التي كان لها تأثير حقيقي وزادت من الوعي بين الشركات من جميع المجالات والأحجام هي اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR). لكنها بالنهاية معنية بحماية البيانات الشخصية للمواطنين الأوروبيين. وقد كانت هذه اللائحة، التي يعود تاريخها إلى عام 2018 نقلة كبيرة في عالم الإجراءات التنظيمية. منذ ذلك اليوم، تضطر الشركات إلى معرفة البيانات التي تحتاج إلى حمايتها ومكان تخزينها وكيفية حمايتها. ونتيجة لذلك، بدأت الشركات تأخذ الأمن على محمل الجد وتفهم أهميته.
يعد التنظيم وسيلة جيدة لرفع مستوى نضج الشركات عندما يتعلق الأمر بالأمن. سيكون للأنظمة الأوروبية المقبلة، NIS2 وDORA، تأثير كبير. وسوف تؤثر على نسبة كبيرة من الشركات وستتناول أمن المعلومات بنظرة شاملة على المستويات التنظيمية والوظيفية والتشغيلية. وهو ما سيكون دافعاً للأمن السيبراني في العالم بأكمله و منه بالطبع عالمنا العربي الذي يعاني غياب منظومة متكاملة تحاكي الـ GDPR.
كلمة أخيرة
تحتاج الشركة لتوفير الأمن الذي يكون بمستوى التحديات التي تواجهها، إلى أن تكون عملية، لتأمين ما هو ضروري وحاسم، وتحديد أولويات إجراءاتها. لا يمكنك تأمين كل شيء وأي شيء. يجب أن يكون تحليل المخاطر أداة أساسية، وهذا النهج هو ما يجب أن يوجه الممارسات الأمنية الجيدة. إن شراء أدوات الأمن السيبراني دون معرفة مكان تركيبها ليس له أي معنى. لذلك فالمطلوب تحديد الأصول الهامة الخاصة بك وقياس مستوى الامتثال إضافة محاكاة وتحليل المخاطر. و بالتالي سيتم تطبيق الإجراءات اللازمة بما يتناسب مع المخاطر التي تم تحديدها مع مراقبة أدق لخطة العمل المرتبطة بهذه التدابير.