تم توجيه الاتهام يوم الجمعة 14-نيسان، إلى أحد أفراد الحرس الوطني في ولاية ماساتشوستس ، وهو جاك تيشيرا Jack Teixeira المتهم بتسريب مئات الوثائق الأمريكية السرية. سُربت المعلومات على Discord و هي منصة اجتماعية للمكالمات عبر الانترنت والرسائل الفورية. يتمتع مستخدمو تلك المنصة بالقدرة على الاتصال سواءاً عبر المكالمات الصوتية أو مكالمات الفيديو والرسائل النصية والوسائط. كما يمكنهم تبادل الملفات في الدردشات الخاصة أو كجزء من مجتمعات افتراضية أوسع تسمى مخدمات servers . حيث كشف المدعي الفيدرالي المزيد من التفاصيل حول كيفية نشر معلومات حكومية حساسة عبر الانترنت.
يهم روبودين أن يوضح أنه يقارب هذه القضية بشكل مهني مجرد لاستخلاص الدروس و العبر المتعلقة بأمن المعلومات و أنه ليس معنياً بالاسقاطات السياسية لهذه القضية، سواءاً منها المرتبطة بالداخل الأميركي أو تلك المتعلقة بالدول المعنية بهذه الوثائق أو المتأثرة بها سلباً أو إيجاباً.
جاك تيشيرا – المدافع الذي سجل هدفاً في مرمى فريقه
يحمل جاك تيشيرا Jack Teixeira -ذو الـ 21 عاماً- رتبة طيار أول. ويواجه المشتبه به تهمتين منفصلتين. تهمة الاحتفاظ غير المصرح به ونقل معلومات تتعلق بالدفاع الوطني. و تهمة الكشف الغير مصرح به لوثائق أو مواد سرية والاحتفاظ بها. وبالتالي سيظل رهن الاحتجاز وفقاً لمكتب المدعي العام الأمريكي في ولاية ماساتشوستس. و يبدو أن المتهم استطاع الوصول لتلك المعلومات، التي تحمل تصنيف سرية للغاية، بصفته منتسباً للحرس الوطني و متخصص في الدفاع السيبراني. يحمل تيشيرا Teixeira تصريحاً أمنياً عالي المستوى منذ العام 2021 خوله الإطلاع على معلومات ذات حساسية عالية.
و رأى المحققون أن المتهم أدرك في لحظة ما أن ما كان يفعله قد يوقعه في مشاكل. لقد أخبر أحد أصدقائه في مجموعة الدردشة على Discord أنه شعر بالقلق من أنه قد يتم اكتشافه وهو يقوم بنسخ المعلومات في مكان عمله. و بالفعل و كجزء من التعبير عن قلقه من اكتشاف أمره فإنه و بعد أن بدأ بنشر المعلومات المسروقة استخدم جهاز كمبيوتر حكومي ليبحث عن كلمة “تسرب”. أراد بذلك أن يطمئن نفسه فيما إذا كانت الحكومة الأميركية قد توصلت لأي خيوط تربطه بالبيانات المسربة. كما أنه استخدم تصريحه الأمني للبحث عن “تقارير سرية تتعلق بتقييم المخابرات الأمريكية لهوية الشخص الذي سرب الوثائق.
نمط جديد من القضايا
من الصعب التكهن كيف ستنتهي القضية المرفوعة ضد جاك تيشيرا. ذلك المتهم بتسريب وثائق سرية إلى أصدقائه على Discord. فالتحقيق لا يزال في بداياته. ولأن ما تم اكتشافه حتى الأن يكاد يكون نمط جديد من قضايا تسريب البيانات. تصعب مقارنة هذه القضية بالنمط المتعارف عليه عادة لمثل هذه القضايا كما هو موضح فيما يلي.
بناءاً على وثائق الاتهام في قضيته ، لا يبدو أن Teixeira كان يتصرف كعميل أجنبي. يميز ذلك قضيته عن قضايا التجسس الكلاسيكية. كما لا يبدو أنه لجأ لهذا التسريب بهدف الإبلاغ عن معلومات حول نشاط يعتبر غير قانوني أو غير أخلاقي أو احتيالي. و بالتالي لم تكن دوافعه تتلخص في تثقيف الجمهور من خلال مشاركة هذه الأسرار مع وسائل الإعلام. ما سبق، يجعل قضيته مختلفة عن تلك القضايا التي عايشناها في فترات سابقة. مع ذلك، فإنه من المحتمل أن Airman Teixeira هو بروتس جديد. لقد حنث بقسمه للحفاظ على أمن المعلومات التي يطلع عليها بحكم عمله. كما انتهك قوانين فيدرالية قد تودي به للسجن لفترة طويلة لا تقل عن عشر سنوات لكل وثيقة مسربة.
من الحب ما قتل
كان جاك تيشيرا فرداً محبوباً في مجتمع افتراضي صغير اهتم أعضاؤه بألعاب الحرب و تشاركوا حب الأسلحة. قال أعضاء المجموعة أنه حاول أن يعلمهم عن الحرب الحقيقية. و لذلك شارك معهم تلك الوثائق السرية بل أنه في بعض الأحيان أضاف شروحات لتلك الوثائق ليسهل الأمر على أفراد مجتمعه الافتراضي الذي كان بمثابة زعيم لهم. وصل الأمر به أن قام بتحميل مئات الصفحات من الوثائق ، بما فيها خرائط تفصيلية لساحات الحرب في أوكرانيا.
اكتسب تيشيرا احترام أفراد المجموعة الذين يتراوح عددهم بين عشرين إلى ثلاثين شخصاً. كانوا جميعاً مبهورين بقدرته على الوصول لمعلومات سرية ومعرفة الأحداث العالمية الكبرى قبل ظهورها في نشرات الأخبار. كان بمثابة الأسطورة بالنسبة لأفراد هذا المجتمع الافتراضي المنعزل. لكن هذه المجموعة ذاتها كانت السبب في الوصول للمتهم. فبعد أن نشر Teixeira في شباط الماضي وثيقة حكومية في مجموعتهم المغلقة، أعاد أحد أعضاءها نشر تلك الوثيقة في مكان آخر على الإنترنت. أدى ذلك إلى سلسلة من الأحداث أدت إلى الكشف عن المتهم الأسبوع الماضي و توجيه هذه التهم القاسية له.
جاك تيشيرا في المزايدات السياسية
أشاد كبار السياسيين الأمريكيين باعتقال المتهم بتسريب الوثائق السرية و دخلت الحادثة في مزادات السياسة الداخلية الأمريكية. وصل الأمر ببعض النواب لإلقاء اللوم على الرئيس الأميركي شخصياً في هذا الخرق الفادح للبيانات. بل رأى البعض أن المشتبه به كان “بطلا” كشف أسرار حكومية حاولت الإدارة إخفاءها. ومع اتفاق الجميع أن تسريب المستندات السرية هو أمر خطير ، إلا أن الكثيرين يصفون جاك تيشيرا بأنه بطل أزاح الستائر وأتاح لأشعة الشمس أن تدخل لزوايا حاولت الإدارة الأميركية إبقاءها مظلمة و محجوبة عن أعين مواطنيها.
و رأى سياسيون آخرون أن هذه التسريبات خرق خطير للأمن القومي للولايات المتحدة. وبالتالي فإن وقوع مثل هذه المعلومات الحساسة في أيدي الخصوم يمكن أن يكون حدثاً خطيراً للغاية. يعكس هذا التناقض في التصريحات مشاكل داخلية في البلد الأول في الأمن السيبراني الذي فشلت أعلى سلطة أمنية فيه في حماية معلوماتها السرية. قديعرض هذا الحدث الأمريكيين وحلفائهم والمصالح الأمريكية للخطر.
كلمة أخيرة
مازالت قضية جاك تيشيرا في بداياتها و ربما يشهد مسار التحقيق تحولات دراماتيكية. كشف تسريب البيانات عن مجموعة من أسرار الحكومة الأمريكية. بما في ذلك التجسس على الحلفاء وأفاق الحرب في أوكرانيا كما أشعل فتيل حرائق دبلوماسية في البيت الأبيض. ولكن، يهم روبودين أن يوضح أنه يقارب هذه القضية بشكل مهني مجرد. هدفه استخلاص الدروس و العبر المتعلقة بأمن المعلومات. و لذلك فإن روبودين ليس معنياً بالاسقاطات السياسية لهذه القضية، سواءاً منها المرتبطة بالداخل الأميركي أو تلك المتعلقة بالدول المتأثرة تلك الوثائق سلباً أو إيجاباً.