يشبه الانترنت جبلاً جليدياً ضخماً، هناك طبقة مخفية أسفل قمته. الانترنت المظلم (Dark web) هو اسم تلك الطبقة أو العالم الخفي الذي غالباً ما يلفه الغموض والإشاعات والمعلومات الكاذبة. هناك الكثير من المواقع والمجموعات التي لا تستطيع محركات البحث العادية الوصول إليها في هذه المنطقة، والتي تشكل حوالي 5% من مجمل مواقع الانترنت. يمكنك استخدام الانترنت الذي نعرفه كل يوم، ولكن للوصول إلى الانترنت المظلم، تحتاج إلى برامج خاصة مثل Tor لإخفاء نشاطاتك والسماح لك بالدخول إلى هذه المنطقة السرية من الانترنت.
اعتدنا أن نستخدم في مقالاتنا عبارة “يسلط روبودين الضوء على” موضوع ما. لكن لنخرج عن النص قليلاً ونسأل أسئلة خارج السياق ، مثل: كم من الضوء سيلزمنا لإنارة طريقنا في الانترنت المظلم؟ وهل سيبقى الويب المظلم مظلماً رغم كل هذا الضوء المسلط عليه؟ ولماذا أصبح هذا الحيز من الانترنت مظلماً ؟ هل حصل ذلك نتيجة أزمة الطاقة مثلاً؟ هل لديكم إجابات عن هذه الأسئلة السوريالية ؟ شاركوها معنا في الرسائل وعبر تعليقاتكم على معرفات روبودين على وسائط التواصل الاجتماعي.
سوق سوداء افتراضية
إن هذا الغموض الذي يوفره الويب المظلم يساعد الأشخاص السيئين في مخططاتهم الإجرامية كبيع المخدرات والأسلحة والبيانات المسروقة وأدوات القرصنة. إنه بذلك يشبه السوق الأسود الذي تروج فيه السلع والخدمات غير القانونية. إنه مكان يحاول أن يعمل فيه اللصوص بعيداً عن أنظار رجال الشرطة. وإذا كنت من مستخدمي الانترنت فأنت بحاجة إلى فهم هذا الجزء الغامض من الانترنت وإدراك الفوائد والمخاطر المتضمنة فيه.
الويب العميق
يذهب الملايين من الأشخاص إلى الأجزاء الخاصة من الانترنت كل يوم، مثل صناديق البريد الإلكتروني الخاصة بهم وحسابات الخدمات المصرفية عبر الانترنت. هذه الأجزاء تسمى “الويب العميق”. إنها مواقع غير مفهرسة في محركات البحث لأنها تخضع لحراسة كلمات المرور والتدابير الأمنية الأخرى. في شبكة الإنترنت العميقة يتم تخزين حوالي 90٪ من جميع مواد الانترنت واستخدامها من قبل الشركات والحكومات والمنظمات غير الربحية. أما الويب المظلم فهو جزء أصغر من الانترنت لا يمكن الوصول إليه إلا باستخدام أدوات خاصة مثل Tor browser. يعد الوصول إلى الويب المظلم واستخدامه أمراً قانونياً في أغلب البلدان – يرجى التأكد من قانونية ذلك في بلدك-. مع ذلك، فإن معظم الأشخاص الذين يستخدمون الانترنت لا يحتاجون إلى الذهاب أساساً إلى الويب المظلم.
نشأة الانترنت المظلم
كانت بداية فكرة “الويب المظلم” عبر شبكة Freenet في جامعة إدنبره عام 2000. وكانت مكاناً يمكن للناس التحدث فيه
ومشاركة الملفات بشكل مجهول. و. مهدت هذه الفكرة الجديدة الطريق لمشروع Tor، الذي بدأ في عام 2002 ثم أطلق متصفحه لاحقاً في عام 2008، والذي يتيح للأشخاص تصفح الويب دون أن يتم تعقبهم. لكن يتم استخدامه حالياً في جميع أنحاء العالم من قبل الأشخاص الذين يريدون عدم الكشف عن هويتهم ويمكنهم ذلك باستخدام Onion routing ، وهي طريقة تسمح بتشفير بيانات المستخدم عن طريق إرسالها عبر عقد متعددة مما يحمي خصوصية المستخدم ويجعل تتبعه أمراً صعباً جداً.
لكن ليس من السهل التجول على شبكة الانترنت المظلمة وذلك لعدم القدرة على استخدام محركات البحث المعروفة للعثور على وجهتك كما هو الأمر على شبكة الانترنت التي نعرفها (السطحية). لذلك فإن شبكة الويب المظلم تتطلب الصبر و مجموعة معينة من المهارات للبحث عن المعلومات والتأكد من صحتها. وخصوصاً أن المواقع والمنصات هناك غالباً ما تختفي أو تتغير، لذلك يتعين على المستخدمين اتخاذ خطوات إضافية للعثور على المعلومات التي يحتاجون إليها.
المخاطر القانونية للانترنت المظلم
نظراً لأن هوية متصفح الويب المظلم تبقى مجهولة، فإن ذلك يجذب الأشخاص من ذوي النوايا السيئة الذين يمارسون نشاطات غير قانونية كتجارة المخدرات والأسلحة والبيانات المسروقة. وللأسف فإن هذه الأعمال منتشرة جداً في هذا الجزء السري من الانترنت. ولكن هذه النشاطات ليست غائبة عن متابعة الحكومات وسلطات إنفاذ القانون، فقد تم إغلاق مواقع مثل Silk Road بقرارات قضائية بعد اكتشاف أنهم كانوا يديرون أعمالاً غير قانونية. ومن الواضح أن هذه المطاردة بين المتسللين و جهات إنفاذ القانون لن تنتهي قريباً بسبب المكاسب المادية التي يجنيها مجرمو الانترنت من نشاطاتهم. لذلك، من المهم التعرف على هذه الأجزاء من الويب العميق والمظلم لفهم كيفية تأثيرها على الخصوصية والسلامة والأنشطة القانونية على الانترنت.
مخاطر الانترنت المظلم
ارتفاع مخاطر البرامج الضارة
لا توجد قواعد أخلاقية كثيرة في الويب المظلم، يزيد ذلك من احتمالية العثور على برامج ضارة. حتى أن الكثير من
المواقع التي يمكن الوصول إليها من خلال متصفح Tor تحتوي على برامج ضارة. كما يؤدي نشرك لأي محتوى غير قانوني لتبعات فيما لو تمكنت جهات إنفاذ القانون من تتبع نشاطاتك و ربط ذلك المحتوى بك. ومن جهة أخرة، فإن المؤسسات التي تدرك مخاطر الويب المظلم تستخدم أدوات يمكنها البحث هناك دورياً عن أي إشارات أو كلمات مفتاحية ترتبط بالمؤسسة موجودة أو متداولة في المنتديات هناك مما يساعد في العثور على التهديدات المحتملة بشكل استباقي وتقليل أضرار الهجمات السيبرانية قبل أن تتفاقم.
منتديات الانترنت المظلم
بدلاً من صفحات الويب الثابتة، فإن القسم الأكبر من الويب المظلم يتألف من منتديات سرية وغالباً ما تكون مشفرة.
في معظم الأحيان، يحتاج انضمامك لتلك المنتديات والمجموعات إلى دعوة مسبقة. وبانضمامك لها، ستتمكن من إجراء محادثات خاصة ومشاركة المعلومات مع الأعضاء. تعد هذه المنتديات مهمة لجمع المعلومات لأنها غالباً ما تكون غير مفلترة و تتضمن نقاشات حية. تراقب الجهات القانونية هذه المنتديات أحياناً تحت ستار من التخفي كجزء من التحقيق في جرائم أو لجمع معلومات عن أعضاء تلك المنتديات.
عمليات الاحتيال
عمليات الاحتيال منتشرة جداً على الويب المظلم. على سبيل المثال، قد تعتقد -عن حسن نية- أنك تشتري شيئاً غير ضار، ولكن قد ينتهي بك الأمر أن تكون ضحية للاحتيال أو حتى التورط في نشاط غير قانوني.
انتهاكات الخصوصية
على الرغم من أن شبكة الويب المظلمة معروفة بمستوى جيد من الخصوصية. إلا أنها ليست مضمونة دائماً. إذا لم تكن حذراً، فلا يزال بالإمكان تعقب أثار أنشطتك، والتي يمكن إسنادها إليك. بالإضافة إلى ذلك، قد تحاول بعض الكيانات الموجودة على الويب المظلم الكشف عن هويات زوارها واستغلالها لابتزازهم مثلاً.
الاتصال بالشبكات الإجرامية
من خلال المشاركة في شبكة الانترنت المظلمة، حتى كمراقب سلبي، فإنك تدعم بشكل غير مباشر الشبكات الإجرامية التي تستفيد من بيع السلع والخدمات غير القانونية. ويمكن أن يكون لذلك آثار أخلاقية وتبعات قانونية. غالباً ما تستغل هذه الشبكات الفئات الأكثر ضعفاً وتورطهم في مشاكل هم بغنى عنها.
كلمة أخيرة
يعد الويب المظلم جزءاً معقداً من الانترنت، وقد يخطئ الكثير من الناس في فهمه. فهو يحمي خصوصية المتصفحين ويضمن -غالباً- عدم الكشف عن هويتهم. لكنه أيضاً سوقاً لخدمات و مواد غير قانونية مثل الاتجار وبيع المخدرات والجرائم الإلكترونية. يحتاج العاملون في مجال الأمن السيبراني إلى التعرف على “الويب المظلم” لمحاربة التهديدات السيبرانية بشكل استباقي والحفاظ على أصول الشركة آمنة قدر الإمكان. أما الأشخاص الغير تقنيين فإن روبودين ينصحهم بعدم استخدام الويب المظلم إلا عند الضرورة، لأنه قد يكون خطيراً وضاراً. كما أن نشاطاتهم تلك عبر الانترنت قد تكون غير قانونية. وطالما بقي المستخدمون على اطلاع ووعي، يمكنهم إدارة الأمور بشكل أفضل في الويب المظلم ويحمون أنفسهم من جوانبه السلبية.