القياسات الحيوية الصوتية – خط دفاع بمواجهة الاحتيال

لمواجهة التزييف العميق، تستخدم القياسات الحيوية الصوتية (Voice Biometrics) خصائص صوتية فريدة لتحديد هوية الأفراد والتحقق من هويتهم.

81 مشاهدة
6 دقائق
القياسات الحيوية الصوتية

يُعد توليد الأصوات المزيفة تهديداً متزايداً يؤثر على الجميع، من الأفراد إلى الصناعات الكبرى. ومن هنا أتت أهمية القياسات الحيوية الصوتية (Voice Biometrics) وهي التقنية التي تستخدم خصائص صوتية فريدة لتحديد هوية الأفراد والتحقق من هويتهم. تُحلل هذه التقنية جوانب مختلفة من صوت الشخص، مثل درجة الصوت ونبرته وإيقاعه وأنماط كلامه، لإنشاء بصمة صوتية – تمثيل رقمي لصوته.

القياسات الحيوية الصوتية – قصص حقيقية

تخيل أن ترفع سماعة الهاتف وتسمع أحد أحبائك يطلب مساعدة عاجلة، لتكتشف لاحقاً أنه ليس الشخص الذي أعتقدته، ولكنه مجرد نسخة رقمية عنه، صنعها محتال، أو أن من يتصل بك ،في مركز الاتصالات في مؤسستك، هو محتال يستخدم أدوات رقمية لتقليد صوت العميل بإتقان للوصول إلى حساباته. تكرار مثل هذه الحوادث تجعل هذا التهديد جدياً للغاية. ففي وقت سابق من هذا العام، خُدع موظف مالي في هونغ كونغ لتحويل 25 مليون دولار خلال مكالمة فيديو باستخدام أدوات تزييف عميق انتحلت شخصية المدير المالي للشركة، بينما خسر رجل أعمال هندي 80 ألف روبية بعد أن استنسخ محتالون صوت صديق عبر الهاتف. تُبرز هذه الحالات مدى تعقيد وخطورة الاحتيال الصوتي.

يُمثل استنساخ الصوت المُزيف العميق تهديداً متزايداً يُمس الجميع، من الأفراد إلى الصناعات الكبرى. يحتاج المحتالون إلى بضع ثوانٍ فقط من الصوت لإنشاء نسخة صوتية مزيفة (قرين رقمي) يبدو حقيقياً بشكل مُخيف. يمكن أن يؤدي هذا النوع من الاحتيال إلى سرقة الهويات، وخسائر مالية، بل ويُعرض سمعة الشركات للخطر. بالنسبة للمؤسسات التي تعتمد على التحقق الصوتي. فإن السؤال ليس ما إذا كانت تهديدات التزييف العميق ستؤثر علينا، بل ما مدى استعدادنا لمواجهتها.

القياسات الحيوية الصوتية – آلية العمل، الفرص والتحديات

تتبع هذه التقنية المسار التالي:

  • التسجيل – يُسجل المستخدم عينة صوتية (مثل نطق عبارة مرور)، والتي تُحلل لإنشاء بصمة صوتية فريدة.
  • التحقق – عندما يتحدث المستخدم مرة أخرى، يُقارن النظام صوته ببصمة الصوت المُخزنة لتأكيد هويته.
  • المصادقة – في حال تطابق الصوت، يُمنح الوصول؛ وإلا، يُرفض.

    إيجابيات هذه التقنية

    • الراحة- لا حاجة لتذكر كلمات المرور.
    • سهولة الاستخدام – يعمل عبر المكالمات الهاتفية أو الأوامر الصوتية.
    • قابلة للتطوير – سهولة النشر في مراكز الاتصال وأجهزة إنترنت الأشياء.

    التحديات والمخاطر

    • ضوضاء الخلفية -أثناء التسجيل- قد تؤثر على الدقة.
    • تغيرات الصوت نتيجة المرض أو التقدم في السن أو الحالة النفسية.
    • قد يستخدم المحتالون تسجيلات صوتية أو أصواتاً مزيفة بتقنية الذكاء الاصطناعي.

    الشرطي الجيد والشرطي السيء

    تتحول المعركة ضد هذه التهديدات إلى معركة بين الذكاء الاصطناعي الجيد والذكاء الاصطناعي السيئ، وتسعى أساليب الأمن التقليدية لمواكبة هذا التطور. وبينما يستغل المجرمون الذكاء الاصطناعي للخداع والاحتيال، تتقدم تقنيات القياسات الحيوية الصوتية ، المدعومة بالذكاء الاصطناعي الجيد، للدفاع ضد هذه الهجمات.

    يُحفز هذا التهديد المتزايد التبني السريع لتقنية القياسات الحيوية الصوتية. قُدر حجم سوق القياسات الحيوية الصوتية العالمي بـ 1.8 مليار دولار أمريكي منذ عامين، ومن المتوقع أن يتجاوز 15 مليار دولار أمريكي خلال سبعة أعوام، بمعدل نمو سنوي ملفت. يُؤكد هذا الارتفاع الكبير على الاعتماد المتزايد على حلول الأمن الصوتية لمواجهة عمليات الاحتيال الرقمي المتطورة. تُنشئ أنظمة القياسات الحيوية الصوتية “بصمة صوتية” فريدة لكل فرد من خلال تحليل خصائص مُحددة، مثل درجة الصوت ونبرته وإيقاعه وأنماطه الصوتية الدقيقة. تستطيع هذه الأنظمة اكتشاف أي تشوهات تُفضح التزييف العميق، حتى عندما يبدو التزييف مُقنعاً للأذن البشرية.

    مجالات استخدام القياسات الحيوية الصوتية

    من المجالات المهمة التي تُحدث فيها القياسات الحيوية الصوتية فرقاً كبيراً، المصادقة المتعددة للخدمات المالية، مراكز الاتصال، حيث تُوفر طريقة سلسة لتحقيق كلا الأمرين من خلال التحقق من المستخدمين مباشرةً داخل نظام الرد الصوتي التفاعلي. فبدلاً من الإجابة على أسئلة أمنية مُتعددة، يُمكن للمتصلين التحقق من هويتهم في ثوانٍ بمجرد التحدث. وهذا يُقلل من مخاطر الاحتيال، ويُسرّع الوصول إلى الخدمات الآلية، ويُقلل من أوقات الانتظار، ويُتيح لموظفي تلك المراكز التفرغ للتعامل مع طلبات أكثر تعقيداً.

    تُحدث القياسات الحيوية الصوتية فرقاً كبيراً في القطاعات التي تُولي أهمية بالغة للأمان والراحة. في الإجراءات عالية الخطورة، مثل تحويل مبالغ مالية كبيرة، قد يتم فرض طبقات أمان إضافية. يمكن للمصادقة متعددة العوامل (MFA) أن تجمع بين التحقق الصوتي ورمز مرور لمرة واحدة (OTP)، أو يمكن للقياسات الحيوية متعددة الوسائط أن تدمج الصوت والتعرف على الوجه وكشف الهوية لتوفير حماية قوية. أما قطاعات مثل الخدمات المالية والرعاية الصحية والمؤسسات الحكومية، فيمكنهاتخصيص مستويات الأمان هذه بما يتناسب مع حساسية الموارد التي يتم الوصول إليها.

    تتجاوز القياسات الحيوية الصوتية الحديثة، المدعومة بالتحليل الجنائي المعتمد على الذكاء الاصطناعي، المصادقة الأساسية. يمكنها تقييم الصوت في الوقت الفعلي، وكشف حتى أدق علامات التلاعب بتقنية التزييف العميق. من خلال الجمع بين عمليات التحقق النشطة والسلبية، تضيف هذه الأنظمة طبقات متعددة من الأمان. والنتيجة هي دفاع قوي ضد الموجة المتزايدة من عمليات الاحتيال بتقنية التزييف العميق.

    ومع ذلك، فإن التكنولوجيا وحدها ليست الحل. تتطلب مكافحة تهديدات التزييف العميق العمل الجماعي. يجب على مقدمي خدمات الأمن والشركات والهيئات الرقابية والناظمة التعاون لإيجاد حلول تحمي المستخدمين دون تعقيد تجربتهم. يجب على قطاعات مثل البنوك والخدمات الحكومية ومراكز الاتصال اعتماد التحليل الجنائي الصوتي بطريقة تتناسب بسلاسة مع العمليات اليومية. إنه توازن دقيق: جميعنا نريد أمناً قوياً، لكن لا أحد يريد عملية معقدة. لذلك، فالتوازن هو المطلوب.

    كلمة أخيرة

    من خلال تبني حماية الصوت المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتشجيع التعاون بين مختلف القطاعات، يمكننا حماية هويات العملاء وإعادة بناء الثقة في عالمنا الرقمي. قد تكون تهديدات التزييف العميق في تطور، لكن الأدوات اللازمة لمكافحتها تتطور أيضاً. لدينا الوسائل اللازمة لحماية أصواتنا – فإما أن نستخدمها الأن أو لنندم مستقبلاً لأننا لم نفعل.

    شارك المقال
    اضف تعليق

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *