لا يجد ربودين أنه من المناسب الحديث عن دور المرأة في الأمن السيبراني دون أن يلقي تحية افتتاحية على Nicole Perlroth مؤلفة الكتاب الأكثر مبيعاً في نيويورك تايمز “This Is How They Tell Me The World Ends” . يتحدث الكتاب عن سباق التسلح السيبراني العالمي ، و فاز بجائزة “Business Book of the Year لعام 2021”. هذه السيدة أمضت عقداً من الزمن كمراسلة رائدة في مجال الأمن السيبراني في صحيفة نيويورك تايمز. كانت في عين الإعصار من خلال تحقيقاتها عن عمليات الاختراق السيبرانية حول العالم. من اختراق البنك المركزي في بنغلاديش إلى التلاعب بالعملات المشفرة. نالت Nicole Perlroth ما يكفي من الجوائز المرموقة في مجال الإعلام. و لكنها غادرت التايمز في عام 2021 لتشغل منصباً حكومياً استشارياً في الأمن السيبراني.
لا يعني إلقاء التحية على السيدة Nicole أن روبودين يتفق معها في كل كتاباتها و مواقفها. فهي بالنهاية تمثل وجهة نظر من تكتب لصالحهم و من تنتمي إليهم. و لكن الفكرة من هذه الافتتاحية هي نثر بعض بذور الشك الإيجابي في نظرية المؤامرة التي تفترض أن مجتمع الأمن السيبراني مجتمع ذكوري لا يرحب كثيراً بالمرأة. هل نون النسوة مظلومة حقاً في مجال الأمن السيبراني؟
دور المرأة في الأمن السيبراني
يمكننا من خلال تحليل تقارير التوظيف عالمياً في السنوات الأخيرة أن نلحظ تضاعف عدد النساء اللواتي يعملن في مجال الأمن السيبراني. إلا أنه لا يزال عددهن منخفضاً بالمقارنة بالوظائف الأخرى في نفس مكان العمل. تحتاج صناعة الأمن السيبراني إلى الاستمرار في دفع المزيد من النساء للعمل في هذا المجال. وفقاً لشركة Forrester فمن المتوقع أن يصل عدد النقص في الموظفين في مجال الأمن السيبراني لحوالي 1.8 مليون شاغر في عام 2022.
مع ذلك، فإن نسبة النساء العاملات في مجال الأمن السيبراني تبلغ حوالي 10% فقط. بالمقابل يمثل الرجال العاملين في هذا المجال 90% من مجمل فرص العمل. بالإضافة إلى أن الرجال يكسبون أموالاً أكثر من نظرائهم الاناث ضمن كل مستويات العمل في مجال الأمن السيبراني.
يؤشر الافتقار إلى التنوع والمساواة بين الجنسين في مجال الأمن السيبراني إلى ضرورة اتخاذ مبادرات لتغيير اتجاه هذه الصناعة. مع استمرار تزايد عدد الهجمات السيبرانية، تستثمر المؤسسات بشكل أكبر لتحسين وضع الحماية الخاصة بها. وهذا يعني وجود حاجة متزايدة باستمرار للمختصين والموهوبين للعمل في هذا المجال. الهدف هو مساعدة المؤسسات على البقاء بشكل آمن ضمن بيئة التهديدات الحالية. يشارك معكم روبودين فيما يلي أربع طرق يمكن للمؤسسات من خلالها جذب المزيد من النساء للعمل في مجال الأمن السيبراني وتمكينهم من تطوير حياتهم المهنية.
زيادة الوعي الوظيفي في مجال الأمن السيبراني بشكل مبكر:
لا تفكر العديد من النساء في الحصول على وظيفة في مجال الأمن السيبراني لأنهن لا يدركن أصلاً أنه خيار متاح. يمكننا فهم ما يلي، من دراسة بعض نماذج النساء العاملات في مجال الأمن السيبراني. معظم النساء العاملات في مجال الأمن السيبراني كن يعملن في مجالات أخرى من مجالات تكنولوجيا المعلومات ورأين لاحقاً فرصة لتشكيل مسار وظيفي جديد في الأمن السيبراني. ثم بدأن هذا المسار. ومن المرجح إن رأت نساء أخريات أن هذا الأمر متاح فسوف يسعون للحصول على وظائف أو أدوار في هذا المجال.
تحتاج المنظمات المهنية والشركات للعمل معاً لتعريف أولئك الشابات أنهن مرحب بهن في مكان العمل. و كذلك لتعليمهن عن الفرص الوظيفية المتاحة لهن في مجال الأمن السيبراني. كما يمكن للشركات توفير فرص للتدريب مخصصة للنساء. و يمكن كذلك للمنظمات المهنية إعداد محاضرات للمتحدثات من النساء حول هذا المجال ليتمكن العالم من رؤيتهن في هذا المجال.
تغيير استراتيجيات التوظيف:
يمكن أن تكون الجامعات التي تقدم برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أماكن رائعة للعثور على مرشحات للعمل في مجال الأمن السيبراني. ويمكن لأصحاب العمل في هذا المجال بناء شراكات مع الجامعات لتقديم برامج التدريب ورعاية الأحداث والمؤتمرات من المتحدثات. حينها قد تتمكن الشابات من التعرف على هذا المجال و امتلاك الشجاعة لأخذ خطوات بهذا الاتجاه. و بالمقابل يجب أن يكون أصحاب العمل منفتحين لتوسيع نطاق بحثهم إلى ما وراء العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات التقليدية.
هناك اعتقاد خاطئ بأن جميع أدوار الأمن السيبراني تقنية للغاية. ولكن في الحقيقة فإن المهن في مجال الأمن السيبراني تتطلب مجموعة متنوعة من المهارات. و قد يغيب عن ذهن أصحاب العمل أن الكثير من المرشحات يمتلكن مهارات قوية قابلة للتحويل مثل التواصل والإبداع واخلاقيات العمل. و لا تقل هذه المهارات أهمية عن المهارات الفنية ومهارات إدارة المخاطر. كما يمكن للنساء اللواتي يتمتعن بهذه المهارات تطوير مهارتهم التقنية من خلال التدريب والخبرة العملية. ولكن على العكس من ذلك، لا يمكن دائماً تعليم المهارات السابقة لمعظم الأشخاص. لذلك من المهم أن يغير أصحاب العمل طريقة و محتوى السرد الكئيب حول مجال الأمن السيبراني عند التحدث عن المرشحات. بل يجب أن يضيفوا لمسة وردية على عباراتهم . يمكنهم أن يخبروا المتقدمات أن مهنة الأمن السيبراني هي فرصة لإحداث تأثير في مجالات مبتكرة ومواجهة التحديات الجديدة.
البحث عن المواهب الداخلية:
أدى العدد الكبير من شواغر وظائف الأمن السيبراني التي لم يتم ملأها إلى زيادة المنافسة بين منظمات الأعمال على استقطاب المواهب الخارجية. لكن ماذا لو وضع مسؤولو التوظيف في اعتبارهم استهداف مرشحين داخليين من داخل المنظمة. هناك الكثير في الداخل ممن يسعون لتغيير مهنتهم ولديهم المهارات التي يمكن البناء عليها و توظيفها في حل المشكلات الأمنية.
إن منح النساء داخل المؤسسة فرصة للتقدم في دور جديد سيظهر لهن أنهن موضع تقدير في مكان العمل ويزيد من معدل الاحتفاظ بالموظفات. كما يجب أن ينظر مسؤولو الموارد البشرية في فكرة وضع برامج إرشادية لتشجيع موظفيهم على المساواة و على مساعدة النساء داخل وخارج المؤسسة. ويمكن أن توفر الشراكات بين منظمات الأعمال و الجامعات فرص للمهنيين لمناقشة المسارات الوظيفية وتحديد الأهداف المهنية. وبالإضافة إلى ذلك سيؤدي بناء العلاقات إلى توسيع شبكة المؤسسة وتعرفها على مرشحات مؤهلات لتوظيفهن في مجالات الأمن السيبراني.
بناء أماكن عمل متنوعة:
لكي تحتفظ الشركات بجذب المزيد من المرشحات لمناصب الأمن السيبراني فهي بحاجة إلى تعزيز ثقافة شاملة لتغيير العقلية التي يتم التوظيف على أساسها. من المهم أن يشعر النساء بالتحدي والاحترام والمعاملة على قدم المساواة مع الرجال. وللقيام بذلك يمكن الاستثمار في التدريب على عدم التحيز و على أهمية التنوع وخلق ثقافة الاندماج وتنفيذ عمليات التوظيف من الجنسين وتعزيز التعاون بين الموظفين لخلق بيئة منسجمة مريحة لجميع الفئات.
عندما تستثمر الشركات في بناء مكان عمل أكثر شمولاً وتنوعاً فسوف تجني ثمار هذا الاستثمار من خلال الحصول على مستوى ثقافي عالي وتحسن في أداء الموظفين.
تعد أماكن العمل المتنوعة ضرورة لمستقبل الأمن السيبراني فهي تجمع بين مجموعة متكاملة من الأشخاص ذوي المهارات ووجهات النظر المختلفة مما يؤدي للمزيد من الإبداع والابتكار وحل المشاكل بشكل أسرع. نأمل أن تكون هذه الاقتراحات مفيدة للشركات المنفتحة على تعزيز دور المرأة في الأمن السيبراني.