تعتمد مفاهيم وقوانين الخصوصية على الثقافة. قد يكون لدى الأشخاص من بلدان مختلفة وخلفيات ثقافية متنوعة وجهات نظر وتفسيرات ووجهات نظر مختلفة حول ماهية الخصوصية. وبالتالي لا ينبغي دراسة حماية الخصوصية دون فهم الجوانب الثقافية والاجتماعية .
يختلف فهم الناس للخصوصية وفق أدوارهم في الحياة. على سبيل المثال، تعريف المرء لما يعتبره “معلومات خاصة” في علاقته مع عائلته تختلف عن تلك المتعلقة بعمله و زملائه في العمل. لم يبدأ مفهوم الخصوصية في عصرنا هذا وإنما منذ زمن بعيد. كان لدى جميع الثقافات، في جميع أنحاء العالم، بعض الفهم للخصوصية كمفهوم. البعض وضعها في إطار قوانين، والبعض الآخر دمجها مع المعتقدات الدينية. ولذلك تمت دراسة الخصوصية من زوايا وعلوم مختلفة كعلم الاجتماع وعلم النفس، والتاريخ. يناقش روبودين في هذا المقال تأثر الخصوصية بالذكاء الاصطناعي و تحديات حماية البيانات.
مفهوم الخصوصية
أقدم تعريف للخصوصية هو : للناس الحق في أن يُتركوا وشأنهم. وهو المبدأ الأساس لحماية حياة الناس الخاصة والعائلية ومنزلهم ومراسلاتهم. وبالتالي الجميع له الحق في حماية قانونية من مثل هذا التدخل أو الاعتداءات.
تشير خصوصية البيانات إلى حماية المعلومات الشخصية والبيانات الحساسة من الوصول والاستخدام والكشف غير المصرح به. وهو يتضمن التحكم في كيفية جمع البيانات الشخصية وتخزينها ومعالجتها ومشاركتها، بالإضافة إلى ضمان أن يكون للأفراد رأي في كيفية التعامل مع معلوماتهم.
تعد خصوصية البيانات حقاً من حقوق الناس عند مشاركة معلوماتهم الشخصية مع المؤسسات، سواء عبر الانترنت أو بالطرق التقليدية. مع تزايد الرقمنة وجمع البيانات فقد أصبحت خصوصية البيانات قضية جوهرية يجب معالجتها لمنع انتهاكات الخصوصية وسرقة الهوية وإساءة استخدام البيانات الشخصية.
ومن الأهمية بمكان أن نفهم أن الخصوصية لا تقتصر على الفرد فقط لكنها تمتد للمؤسسة أيضاً. على سبيل المثال، فإن ضعف الالتزام بالخصوصية لدى المؤسسة الطبية التي أجريت عندها تحليلاً للحمض النووي قد يعرض خصوصيتك للضرر لأن الحمض النووي الخاص يحمل معلومات جوهرية عن عائلتك، أصولك و معلوماتكم الصحية والمرضية.
تحديات الخصوصية في عالم ChatGPT
تتمحور مشكلات الخصوصية المتعلقة بـالذكاء الاصطناعي في الغالب حول جمع البيانات. تحتاج نماذج الـ AI إلى الكثير من البيانات للتدريب و تطوير مهاراتها. لهذا الغرض يتم جمع البيانات الشخصية وأنشطة المستخدم وسجلات الدردشة. لذلك يشعر المستخدمون بالقلق إزاء انتهاك خصوصيتهم، نظراً للبيانات الهامة المطلوب تجميعها لتشغيل وتدريب نموذج ChatGPT مثلاً وتتضمن المخاطر الوصول غير المصرح به للمعلومات، أو خروقات البيانات، أو إساءة استخدام البيانات الشخصية. وقد أثارت مخاوف الخصوصية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ومنها ChatGPT العديد من الأسئلة حول من يتحكم في البيانات الشخصية. لذلك من المهم معالجة هذه المخاوف والحصول على موافقة المستخدم مسبقاً وكذلك الكشف عن ممارسات معالجة البيانات بطريقة شفافة. يجب أن يكون لدى المستخدمين أيضاً القدرة على التحكم بياناتهم الشخصية، بما في ذلك تعديل البيانات أو حذفها. لكن المطلوب بهذا المجال هو فهم كيفية تحقيق التوازن بين متطلبات الوصول إلى البيانات لتحسين قدرات الذكاء الاصطناعي والحفاظ على تحكم المستخدم وموافقته على هذا الوصول.
بالنتيجة، فإن تخزين البيانات وأمنها من العوامل التي يجب مراعاتها في أي ذكاء اصطناعي خصوصاً أنه يتم جمع كميات هائلة من البيانات بواسطة أنظمة الذكاء هذه مما يجعل تخزين البيانات والأمن مسألة بالغة الأهمية. لتجنب الوصول غير المصرح به أو خروقات البيانات، فمن الأهمية بمكان التنفيذ السليم للتدابير الأمنية، مثل التشفير، وضوابط الوصول، وحلول التخزين الآمنة. للحفاظ على ثقة المستخدم.
حماية الخصوصية – التوازن المطلوب
غالباً ما يتم استخدام مصطلحي “الخصوصية” و”حماية البيانات” بالتبادل. لكن هناك اختلافات طفيفة بين الخصوصية وحماية البيانات تماماً مثل وجهي العملة. من منظور صاحب البيانات، يتعلق الأمر بحقوقه وإمكانية التحكم فيه وضمان الخصوصية. لكن من منظور المؤسسة (أي من يتحكم بالبيانات أو يعالجها)، فإن الأمر يتعلق أكثر بطريقة الاستجابة و الامتثال للقواعد و تطبيق القوانين لحماية البيانات.
عندما تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي بيانات المستخدمين لأسباب تتجاوز المتوقع منها، أو عندما لا يتم استخدام البيانات بشفافية و خصوصية قد تصبح المشاكل أكثر تعقيداً. و من أهم المخاوف فيما يتعلق بالخصوصية هي القدرة على تحديد هوية المستخدم أو الكشف غير المقصود عن البيانات الخاصة. لذلك فعند إنشاء وتطبيق الذكاء الاصطناعي في الأعمال، يجب احترام خصوصية المستخدم. ويتطلب هذا الجهد تطوير معايير أخلاقية تعطي الأولوية للمستخدمين والحق في الخصوصية والمساءلة. يجب أن تعالج الممارسات مخاوف الخصوصية من خلال ضمان معاملة البيانات بمسؤولية والتعامل مع التحيزات وتقليلها والتفكير في الصالح العام . ومع ذلك، فإن حماية الخصوصية الفردية يجب ألا تسبب فقدان بعض المزايا المحتملة للذكاء الاصطناعي، مثل أفضل خبرات المستخدم. لكن على التوازي يجب استخدام كل من الخصوصية والأخلاق كمبادئ توجيهية.
بعض الاعتبارات الاخلاقية للذكاء الاصطناعي
يعد جمع البيانات وتخزينها من العناصر الأساسية لخوارزميات الذكاء الاصطناعي مما يسمح لهم بالتعلم وتنفيذ الأنشطة المختلفة بكفاءة. يتم تخزين والوصول إلى كميات هائلة من البيانات النصية التي تم جمعها و معالجتها. وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات لها العديد من المزايا، إلا أنها من المحتمل أن تكون خطيرة وتثير مشكلات تتعلق بالخصوصية. لذلك من الضروري تحديد البيانات التي تحتاج إلى الحماية، والتي تتطلب نظام آمن لمعالجة البيانات. وينبغي النظر في تقييم المخاطر والعواقب المحتملة لخرق البيانات واحتمال حدوث ذلك. كلما كانت البيانات أكثر حساسية، كلما زاد خطر كل منها وبالتالي يزداد دور الاعتبارات الأخلاقية للـ AI ومنها:
- المخاوف بشأن جمع البيانات على نطاق واسع بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المعلومات الشخصية وسجلات المحادثات وتفاعلات المستخدم.
- الحصول على موافقة المستخدم لجمع واستخدام بيانات محددة الأهداف.
- الإفصاح الشفاف والموافقة فيما يتعلق بجمع وتخزين واستخدام البيانات الشخصية.
- يجب أن يكون للمستخدمين السيطرة على بياناتهم الشخصية، بما في ذلك القدرة على حذف أو تعديل المعلومات.
- توفير تدابير أمنية قوية، مثل التشفير والضوابط لمنع الوصول غير المصرح به أو خروقات البيانات.
- معالجة مشكلة إمكانية تحديد هوية المستخدمين أو الكشف غير المقصود للمعلومات الحساسة في الاستجابات التي يولدها الذكاء الاصطناعي.
- تقليل مخاطر الوصول غير المصرح به أو اختراق البيانات أو إساءة استخدام البيانات الشخصية .
- اتخاذ تدابير أمنية مناسبة لحماية البيانات المخزنة والحماية من المخاطر أو الانتهاكات المحتملة.
- ضمان وجود أنظمة تخزين آمنة للبيانات الشخصية، مما يمنع الوصول غير المصرح به أو الانتهاكات.
حماية الخصوصية – كلمة أخيرة
بشكل عام، تتداخل خصوصية البيانات والذكاء الاصطناعي بشكل وثيق، ويجب على المؤسسات إعطاء الأولوية لحماية المعلومات الشخصية للأفراد عند تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي وتنفيذها. عبر اتباع أفضل الممارسات فيما يتعلق بخصوصية البيانات، يمكن للمؤسسات التأكد من أنها تستخدم الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية.