في عصر انتقلت فيه المعاملات والعمليات المالية إلى العالم الرقمي، تجد الصناعة المصرفية نفسها في طليعة المعركة ضد التهديدات السيبرانية. إن التطورات التقنية تعزز الابتكار، لكنها تزيد سطح التعرض للمخاطر السيبرانية وتعرض المؤسسات المالية لتحديات متزايدة. أصبح الأمن السيبراني في المصارف مصدر قلق بالغ. تتطلب معالجته نهجاً استباقياً مرناً لحماية البيانات الحساسة والحفاظ على الثقة وضمان مرونة النظم المالية.
تنوع مصادر التهديد
أدت الرقمنة السريعة للخدمات المصرفية إلى راحة العملاء. وتقديم الخدمات المصرفية عبر الانترنت، وتطبيقات الهاتف المحمول، مما أتاح إنجاز المعاملات في الوقت الحقيقي. ومع ذلك، فتح التحول الرقمي أيضًا آفاقاً جديدة لمجرمي الانترنت. تتنوع الجهات الفاعلة في التهديد لتشمل المتسللين الأفراد ومنظمات الجرائم الإلكترونية المتطورة، التي تستغل باستمرار نقاط الضعف في الأنظمة المالية للوصول غير المصرح به، وتهديد سلامة البيانات، وتنفيذ أنشطة احتيالية. إن تهديدات الأمن السيبراني هي إجراءات ضارة تهدف إلى المساس بالسرية أو النزاهة أو المعلومات ومدى توفر نظم المعلومات والبيانات.
. يمكن أن تنشأ تهديدات الأمن السيبراني من مصادر مختلفة. مثل الدول أو المتسللين أو المطلعين على بواطن الأمور أو مجرمي الانترنت. كما يمكن أن تتخذ التهديدات أشكالاً مختلفة، مثل البرامج الضارة والهندسة الاجتماعية وهجمات سلسلة توريد البرامج. وتشمل بعض أنواع تهديدات الأمن السيبراني الأكثر شيوعاً التصيد الاحتيالي وبرامج الفدية.و الهجمات الداخلية.
التهديدات السيبرانية الرئيسية في القطاع المالي لعام 2023.
- هجمات التصيد الاحتيالي: هجمات يستخدم فيها مجرمو الانترنت أساليب لخداع الأفراد و دفعهم للكشف عن معلومات حساسة. مثل بيانات تسجيل الدخول أو التفاصيل المالية. يمثل ذلك نوع من هحمات الهندسة الاجتماعية الذي يستخدم رسائل البريد الإلكتروني أو مواقع الويب لخداع الضحية للكشف عن معلومات شخصية أو معلومات مالية، أو تنزيل مرفقات ضارة.
- الإعدادات الخاطئة Misconfiguration: وهي نوع من الأخطاء البشرية يعرض البيانات أو الأنظمة الحساسة للوصول غير المصرح به. تحدث التكوينات الخاطئة بسبب نقص الوعي أو التدريب أو السياسات الأمنية المناسبة. ويمكن أن تؤدي إلى انتهاكات البيانات أو سرقة الهوية أو التخريب.
- حشو بيانات الاعتماد Credential stuffing: هو هجوم يستخدم أسماء المستخدمين وكلمات المرور المسروقة أو المسربة للوصول إلى الحسابات عبر الانترنت. يمكن أن يؤدي هحوم ناجخ إلى الاستيلاء على الحساب أو الاحتيال أو سرقة الهوية. يعتمد هذا الهجوم على إعادة استخدام كلمات المرور عبر منصات متعددة.
- فيروس الفدية Ransomware: هو نوع من البرامج الضارة التي تقوم بتشفير ملفات الضحية وتطالب بفدية لفك تشفيرها. يمكن أن تسبب برامج الفدية اضطراباً تشغيلياً كبيراً و خسائر مالية للأفراد والمنظمات. غالباً ما تبدأ هجمات برامج الفدية بالتصيد الاحتيالي، أو الهجمات عبر تطبيقات الويب. تقوم البرامج الضارة بتشفير البيانات، مما يتطلب دفع فدية مقابل استعادتها، مما يؤدي إلى شل العمليات المصرفية وتعريض معلومات العملاء للخطر.
- خرق البيانات: يمكن أن يؤدي الوصول غير المصرح به إلى قواعد بيانات العملاء إلى كشف المعلومات الشخصية والمالية، مما يؤدي إلى سرقة الهوية والاحتيال المالي.
- التهديدات المتقدمة (APTs): هي هجمات متطورة تنفذها جهات مدعومة من خصوم بنوكاً محددة بهدف الوصول غير المصرح به والحفاظ عليه لفترة طويلة.
- التهديدات الداخلية : تتعرض الأنظمة إلى تهديد من الموظفين أو الجهات الموثوقة التي يمكنها الوصول عادة إلى الأنظمة الداخلية عن غير قصد بشكل يضر بالأمن.
الحماية و تعزيز الأمن السيبراني في المصارف
للحماية من التهديدات السابقة وغيرها (مثل DDOS) يجب عليك اتباع بعض أفضل الممارسات الأمنية، مثل استخدام كلمات مرور قوية وفريدة من نوعها لكل حساب، وتغييرها بانتظام. استخدم مدير كلمات المرور لتخزين وإنشاء كلمات المرور بشكل آمن. و كذلك تمكين المصادقة متعددة العوامل (MFA) للحسابات عبر الانترنت. إضافة لتجنب النقر على الروابط أو المرفقات المشبوهة، والتحقق من هوية المرسل قبل الرد على رسائل البريد الإلكتروني. واستخدم برنامج مكافحة فيروسات معتمدة والحفاظ على تحديثها. كما أن النسخ الاحتياطي المنتظم لبياناتك وتخزينها في مكان آمن يفيد في تقليل ضرر الهجمات. يضاف لما سبق أهمية التوعية بأحدث اتجاهات وتهديدات الأمن السيبراني.
الأطر التنظيمية التي تفيد في تعزيز الأمن السيبراني في القطاع المالي تشمل و لا تقتصر على PCI DSS و GDPR كما تستثمر المصارف في الكثير الحلول التكنولوجية لتحصين دفاعاتها السيبرانية. ومن هذه الحلول جدران الحماية و أنظمة منع التسلل والتي تعمل كخط الدفاع الأول والمراقبة والسيطرة على تدفق البيانات في الشبكة لمنع الوصول غير المصرح به. إضافة لبرامج مكافحة الفيروسات و حلول الكشف و الاستجابة EDR. والتشفير لحماية البيانات بما يضمن أن البيانات تظل آمنة حتى لو تم اعتراضها. و لهدف تعزيز الأمن السيبراني في المصارف تستخدم المؤسسات حلول (SIEM) التي تحلل الأحداث الأمنية وتستجيب لها في الوقت الفعلي، مما يساعد على اكتشاف التهديدات وتقليلها بسرعة.
كلمة أخيرة -أهمية التوعية
إن الخطأ البشري هو عامل مهم في الحوادث السيبرانية، لذلك تستثمر البنوك في خلق ثقافة واعية بالأمن السيبراني عبر برامج تدريبية منتظمة و تمارين محاكاة الهجمات لتمكين الموظفين من تحديد التهديدات المحتملة والاستجابة لها باعتبارهم خط الدفاع الأمامي ضد المخاطر السيبرانية. تعد ثقافة الأمن السيبراني والتدريب عليه من العناصر الأساسية لاستراتيجية الأمن السيبراني الفعالة. يمكن لثقافة الأمن السيبراني والتدريب أن تساعد المؤسسات على تحقيق العديد من الفوائد مثل تقليل من احتمالية وقوع الموظفين ضحية للتصيد الاحتياليأو الهجمات المشابهة والتأكد من أن الموظفين على دراية بأحدث التهديدات وكيفية تجنبها. حيث يعتبر روبودين مصدراً موثوقاً للمعلومات يساعد في بناء وعي أمني يحبط أو يقلل مخاطر الانترنت و الجهات الضارة.