باعتبارها مورداً حيوياً في الاقتصاد الرقمي، يجب حماية المعلومات. وتدرك المؤسسات ،يوماً بعد يوم، أهمية ضمان توفر وسرية وسلامة المعلومات. ومع ذلك، لم تعد التدابير الأمنية التقنية وحدها كافية. وتبحث الإدارات العليا عن طرق لضمان مستوى من الحماية يتماشى مع احتياجات المؤسسة بأعلى جودة ممكنة و أقل تكلفة. ومع الامتثال للأطر القانونية والتنظيمية. ومن هنا تأتي أهمية دور مدير أمن المعلومات. لم يعد هذا الدور الوظيفي مجرد حارس للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في البنك. لقد أدى ظهور الخدمات المصرفية الرقمية، والمتطلبات التنظيمية الصارمة، والتعقيد المتزايد للتهديدات السيبرانية إلى تحويل مدير أمن المعلومات إلى قائد أعمال أيضاً. في القطاع المصرفي، وفي أغلب قطاعات العمل، تطور دور مدير أمن المعلومات من التركيز فقط على تدابير الأمن التقنية إلى أن يصبح لاعباً رئيسياً في تشكيل استراتيجية العمل وحماية الأصول وتعزيز ثقة العملاء.
مدير أمن المعلومات – الأعمال و الأمن
فيما مضى، كان يُنظر إلى مديري أمن المعلومات في المصارف باعتبارهم خبراء فنيين مسؤولين عن تنفيذ جدران الحماية وأنظمة اكتشاف التسلل وغيرها من تدابير أمن تكنولوجيا المعلومات. لكن في العقد الأخير اتسع نطاق عملهم بشكل كبير. يجب أن يتمتع مسؤول أمن المعلومات اليوم بفهم عميق لكل من الأمن السيبراني وعمليات الأعمال، ومواءمة مبادرات الأمن مع الأهداف الأوسع للمصرف المتمثلة في النمو والربحية وإشراك العملاء.
مسؤوليات مدير أمن المعلومات
- إدارة المخاطر والتخفيف منها: تعد المصارف من بين الصناعات الأكثر استهدافاً للهجمات الإلكترونية، مما يمنح إدارة المخاطر السيبرانية ثقلاً يميزها عن بقية مهام مسؤولي أمن المعلومات. بالإضافة إلى تحديد نقاط الضعف الفنية والتخفيف منها، يجب على أولئك المسؤولين تقييم وتحديد التأثير المحتمل للمخاطر الإلكترونية على الوضع المالي للبنك وثقة العملاء ومتطلبات الامتثال . وبالتالي، فإن المطلوب من مدير أمن المعلومات أن يكون مدركاً للتهديدات الناشئة مثل برامج الفدية والتصيد الاحتيالي وهجمات سلسلة التوريد. كما يجب أن يفهم الأثر التجاري للاضطراب في أنظمة المصرف الناتج عن تلك التهديدات فيما لو تحولت لهجوم ناجح.
- الامتثال للأنظمة والقوانين: تخضع الصناعة المصرفية لضوابط وتشريعات صارمة، مع متطلبات حازمة لحماية بيانات العملاء والحفاظ على السرية وضمان سلامة الأنظمة المالية. تشكل ضوابط مثل معيار أمان بيانات صناعة بطاقات الدفع (PCI DSS)، و معايير حماية البيانات الشخصية ،المطبقة في أغلب الدول، جزءاً جوهرياً من مشهد الامتثال. وبالتالي، فإن دور مدير أمن المعلومات هو المساهمة الجدية في ضمان التزام المصرف بتلك الضوابط ، وتجنب الغرامات والعواقب القانونية، مع التوافق قدر الإمكان مع أفضل الممارسات والمعايير العالمية في مجالي الأمن و الخصوصية.
- حوكمة الأمن السيبراني: مع تحول المخاطر السيبرانية إلى ضيف دائم في اجتماعات مجلس الإدارة، فإن مدير أمن المعلومات تحول لمستشار رئيس للإدارة العليا والتنفيذية. وبهذه الصفة، يجب عليه ترجمة المخاطر الأمنية المعقدة إلى لغة تجارية يمكن لأصحاب المصلحة فهمها والتصرف بمقتضاها. ويشمل ذلك إبقاء الإدارات على إطلاع كامل بالموقف الراهن للأمن السيبراني في المصرف، والتهديدات الناشئة، والتوصيات للاستثمار الأمثل في الحلول الأمنية لتلبية احتياجات المصرف و تحسين أمنه. كما يقود مسؤولو أمن المعلومات جهود حوكمة الأمن السيبراني في مؤسساتهم وكذلك ضمان اتباع السياسات والإجراءات ،المتسقة مع تلك الحوكمة، على جميع مستويات المصرف.
إدارة المخاطر و حماية الثقة – مسؤوليات مدير أمن المعلومات
- إدارة مخاطر الطرف الثالث: تزايد اعتماد المصارف على الطرف الثالث كمزودي الخدمات من جهات خارجية لتنفيذ أعمال مثل البنية التقنية لتكنولوجيا المعلومات والمدفوعات الإلكترونية. ولذلك، يجب على مدير أمن المعلومات مراقبة مستوى الأمن لدى المزودين. يمكن أن لأي ضعف أو اختراق لسلسلة التوريد أن يعرض المصرف لمخاطر مالية وضرر سمعة كبير. يتضمن دور مسؤول أمن المعلومات مراجعة العقود مع الأطراف الثالثة وكذلك التأكد من استيفائهم لمعايير الأمن في المصرف وامتثالهم للتشريعات والقوانين التي تحكم عملهم.
- الحفاظ على ثقة العملاء: الثقة هي حجر الزاوية في العمل المصرفي، ويلعب الأمن السيبراني دوراً أساسياً في الحفاظ على هذه الثقة. تتعامل البنوك مع كميات هائلة من بيانات العملاء الحساسة، من معلومات التعريف الشخصية (PII) إلى المعاملات المالية. يمكن أن يؤدي خرق البيانات إلى فقدان ثقة العملاء، مما يؤدي إلى خسارة الأعمال وإلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالسمعة. وبالتالي، فإن مدير أمن المعلومات مسؤول عن حماية هذه الثقة من خلال التأكد من بذل جميع الأطراف العناية الواجبة لتخزين جميع بيانات العملاء ونقلها ومعالجتها بشكل آمن. وبالتوازي مع ذلك، يجب على أولئك المدراء تطوير واختبار وتنفيذ خطط الاستجابة للحوادث التي تمكن البنك من الاستجابة بسرعة وشفافية لأي حادث أمني، مما يقلل من التأثير على العملاء
- قيادة التحول الرقمي: تطورت الخدمات المصرفية لتواكب التحول الرقمي وتأثر فيه و تتأثر به. تستثمر المصارف في منصات الخدمات المصرفية الإلكترونية ، وتطبيقات الهواتف المحمولة، وفي شراكات استراتيجية في مجال التكنولوجيا المالية. يجب على مدير أمن المعلومات العمل مع إدارات الخدمات الرقمية لجعل الأمن جزءاً من تصميم أي منتج مصرفي جديد، رقمياً كان أم تقليدياً. ويتضمن ذلك ضمان تطبيق أفضل الممارسات الأمنية في دورة حياة ذلك المنتج. إضافة لجعل معايير الأمن جزءاً من عملية تطوير التطبيقات، وحماية قنوات الخدمات الرقمية وحسابات العملاء من التهديدات.
مهارات مدير أمن المعلومات
للنجاح في كل تلك المهام التي سبق عرضها، يجب أن يمتلك مدراء أمن المعلومات ،في المصارف، مجموعة من المهارات التي تتجاوز المهارات الفنية المطلوبة من أي محترف أمن سيبراني لتشمل :
- فهم أهداف البنك والدوافع المالية وتوقعات العملاء. يساعد ذلك في ضمان اتساق جهود الأمن مع أهداف العمل. يمكن لمدير أمن المعلومات الناجح أن يفهم الروابط والتداخل بين المخاطر الفنية والتأثيرات التجارية ويضيف قيمة تبرهن من خلالها للإدارات العليا كيف تساهم الاستثمارات الأمنية في نجاح أعمال المصرف.
- بصفته نقطة وصل بين قسم تكنولوجيا المعلومات والإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة، يجب على مدير أمن المعلومات التواصل بشكل فعال يتضمن جسر الهوة بين اللغة التقنية ولغة الأعمال عبر تقديم المفاهيم الفنية بعبارات بسيطة وقابلة للتنفيذ وتيسير المناقشات حول استراتيجية الأمن على أعلى مستويات المؤسسة عبر المشاركة في اللجان التوجيهية بشكل فاعل.
- من الضروري أن يمتلك مدير أمن المعلومات رؤية استباقية تسمح له بتوقع التحديات المستقبلية وتطوير استراتيجيات طويلة الأجل لمعالجتها. ويتطلب ذلك مهارات كالتفكير خارج الصندوق والتفكير النقدي، حيث لا يبقى ذلك المدير عالقاً في دوامة الاستجابة للتهديدات فحسب، بل يقود التحسين المستمر في موقف الأمن السيبراني.
- يعمل مسؤول أمن المعلومات عبر إدارات متعددة لديها مستويات مختلفة من الوعي تجاه الأمن السيبراني. لذلك، تعد مهارات القيادة القوية ضرورية لتنسيق الجهود عبر تلك الإدارات لضمان أن الأمن مسؤولية الجميع في كل الإدارات.
الخاتمة
تطور دور مدير أمن المعلومات في القطاع المصرفي من مجرد دور فني إلى دور قيادي استراتيجي في مجال الأعمال يخفف المخاطر من خلال مواءمة الأمن السيبراني مع أهداف العمل، وتنسيق جهود الامتثال، وحماية ثقة العملاء، وتمكين التحول الرقمي. لم يعد مجرد مدافع عن أنظمة البنك، بل أصبح شريكاً في رحلة نجاحه.