عند دخول المستخدمين إلى موقع إلكتروني، يُطلب منهم عادةً إدخال بيانات تسجيل الدخول، وغالباً ما يُتيح خيار حفظ هذه المعلومات للاستخدام المستقبلي. ورغم أن هذه الميزة قد تكون مريحة، إلا أن تخزين أسماء المستخدمين وكلمات المرور قد يُشكل خطراً أمنياً على العديد من المستخدمين. قد تتعرّض المعلومات المحفوظة لخطر مشاركتها عبر منصات مختلفة، أو الوصول إليها من قِبل أطراف ثالثة والذين يستخدمونها بشكل أو بآخر. ونتيجةً لذلك، قد يؤدي ذلك إلى إفشاء البيانات الشخصية عبر وقوعها في أيدي جهات خارجية غير مُصرّح لها.
يُشكّل إفشاء البيانات الشخصية تهديداً حقيقياً لعالمنا الرقمي، مما يُؤدي إلى مخاطر مُختلفة نتيجةً للوصول غير المُصرّح به. يحدث ذلك عادةً بسبب إجراءات أمنية قديمة، أو حتى إعادة توجيه خاطئة من قِبل موقع إلكتروني. وفي كلتا الحالتين، فإن مخاطره على خصوصية المستخدم جسيمة للغاية ولا يُمكن تجاهلها. تستكشف هذه المقالة التهديد الصامت للأمن السيبراني المتمثل في إفشاء البيانات الشخصية، وأسباب إغفاله في كثير من الأحيان، وكيفية الحد من مخاطره.
إفشاء البيانات: مخاطر أمنية
غالباً ما يحدث إفشاء البيانات عند وصول جهات غير مُصرّح لها إلى معلومات حساسة ومشاركتها دون حق. لا ينبغي الخلط بينه وبين خرق البيانات، والذي يحدث عند التخطيط لهجوم متعمد لسرقة البيانات. تُعد سرقة الهوية من أخطر المخاطر في حالة كشف البيانات. ويحدث عندما تقع معلومات التعريف الشخصية (PII) في أيدي جهات غير مصرح لها، مما يفتح المجال أمام تزوير السجلات الحكومية باستخدام معلومات ذلك الشخص.
الخطر الثاني الكبير الناتج عن كشف البيانات هو الاحتيال المالي. إذ يُولي أي شخص أهمية بالغة لخطر سرقة حسابه المصرفي وإجراء عمليات شراء غير قانونية. تشمل المخاطر الإضافية الهجمات الإلكترونية ومحاولات التصيد الاحتيالي المحتملة عند كشف المعلومات الشخصية عبر الانترنت، بالإضافة إلى مواقع الويب المتخفية على أنها شركات أو بنوك والتي تحصل على معلوماتك من خلال الخداع.
تحديات معقدة
قد تُمثل حماية البيانات الشخصية من الكشف تحدياً معقداً، ولذلك يُعد الاهتمام الدقيق والتدابير الاستباقية من الأساسيات في هذا الموضوع. تشير العديد من العوامل إلى سبب سهولة إغفال هذا الخطر الأمني عند الحديث عن الأمن عبر الانترنت.
يتجاهل الكثير من المستخدمين كم معلوماتهم الشخصية التي تُجمع وتُباع عبر الانترنت ويعود ذلك إما لممارسات جمع البيانات المشبوهة أو لقلة وعي المستخدم. و يُعد تحديد حجم البيانات الشخصية التي تُشارك عبر الانترنت وإزالة الباقي عملية مستمرة وتستغرق وقتاً طويلاً. معظم الناس لا يملكون الوقت أو الصبر الكافي لبذل هذا الجهد. كذلك، فإن البيانات قد لا يتم حذفها بهذه السهولة. فهي قد تظهر بعد فترة بسبب استعادة نسخة محذوفة مثلاً من مزود خدمة، مما يؤدي إلى إرباك للمستخدمين. وبالتالي فإن لإفشاء البيانات الشخصية عواقب بعيدة قد لا يتم احتسابها في عمليات التقييم التقليدية التي تنظر للعواقب القريبة، وهو ما يبرر انخفاض مستوى المخاطر المُتصورة.
من العواقب طويلة المدى إلى انخفاض مستوى المخاطر المتوقعة، يُعد كشف البيانات مشكلة يصعب تحديدها، وفي بعض الأحيان، يصعب اتخاذ إجراء بشأنها.
إفشاء البيانات الشخصية – تخفيف المخاطر
يتطلب التصدي لهذا التهديد وقتاً وصبراً. ولهذا السبب، حتى الشركات التي لديها سجل مشرف ،فيما يتعلق بالأمن السيبراني، تُواجه أحياناً صعوبات في معالجة هذه المشكلة. ونستعرض فيما يلي بعض الخطوات لتقليل تعرض بياناتك للخطر:
- مخاطر الحسابات المهملة: غالباً ما تكون الحسابات القديمة أو غير المستخدمة مصدراً للإفصاح الغير مشروع عن البيانات. وبالتالي، فإن حذف الحسابات التي لم تعد مستخدمة سيؤدي إلى تقليل خطر إفشاء المعلومات الشخصية.
- ضبط الإعدادات : توفر العديد من المواقع خياراتٍ لتعزيز خصوصية الحساب، مما يقلل بدوره من وصول الأشخاص غير المصرح لهم.
- استخدام شبكة افتراضية (VPN): توفر شبكة VPN طبقة أمان إضافية تُخفي المعلومات الشخصية وسجلات البحث عن الجهات الخارجية الخبيثة وموفري خدمات الانترنت.
- إدارة كلمات المرور: تُعدّ برامج إدارة كلمات المرور وسيلةً سهلةً لحفظ كلمات المرور لمواقع الويب المختلفة، وحفظها وكتابتها تلقائياً. ومع ذلك، قد يؤدي استخدام جهاز غير محمي إلى تسريب جميع كلمات المرور هذه واختراق الحسابات. إن تتبع برنامج إدارة كلمات المرور، والأجهزة التي تستخدمها، يزيد من أمانك على الانترنت.
- استخدام خدمات إزالة البيانات: غالباً ما يتاجر سماسرة البيانات بأي معلومات عبر الانترنت يحصلون عليها من قواعد بياناتهم. يوفر استخدام خدمات إزالة البيانات أساساً طويل الأمد لحماية الخصوصية على الانترنت من الأطراف التي يُحتمل أن تكون خطرة.
- مواقع الويب الاحتيالية: قد تتخفى مواقع الويب في صورة بنوك أو شركات، من خلال مواقع مُصممة بعناية لسرقة أي معلومات. مع أنه قد يكون من الصعب اكتشاف ذلك، إلا أنه يجب توخي الحذر الشديد في هذه الحالة. القاعدة العامة هي أنه إذا بدا شيءٌ ما على الانترنت جيداً لدرجة يصعب تصديقها، فمن المرجح أنه كذلك (خدعة).
كلمة أخيرة
يعتبر إفشاء البيانات الشخصية مشكلةً معقدة يميل الكثيرون إلى تجاهلها أثناء أنشطتهم على الانترنت كون عواقبها ليست فورية، بل تظهر بعد فترة. وهذا هو بالضبط سبب تراكمها كواحدة من من أهم تهديدات الأمن السيبراني. يتطلب معالجة مخاطر هذه المشكلة جهود حماية استباقية تسمح بالحفاظ على خصوصية معلوماتنا.