في يومنا هذا، أصبح العالم يعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا، حيث تعتمد الشركات والأفراد بشكل كبير على بياناتهم وعملياتهم عبر الانترنت. تعد برامج الفدية (Ransomware) أحد أشكال التهديدات لعالمنا الرقمي التي كانت موجودة منذ فترة طويلة جداً، على عكس الاعتقاد السائد. واليوم، أصبحت هجمات فيروس الفدية أكثر سرية وخفاءاً مما كانت عليه عندما ظهرت لأول مرة.، يقدم روبودين في هذا المقال إيجازاً يتضمن التهديد المتزايد لبرامج الفدية، وكيف تعمل، وتأثيرها على الضحايا، وأفضل الممارسات للحماية منها.
برامج الفدية – نظرة عن قرب
برامج الفدية هي نوع من البرامج الضارة (البرمجيات الخبيثة) المصممة لتشفير ملفات الضحية أو حظرها من أنظمتها حتى يتم دفع فدية. غالباً ما يطلب المهاجمون الدفع بعملة مشفرة، مثل Bitcoin، لضمان عدم الكشف عن الهوية وتجنب التتبع من قبل السلطات. هناك سلوكان رئيسان لبرامج الفدية:
- تشفير الملفات وطلب فدية مقابل مفتاح فك التشفير.
- منع المستخدمين من الوصول لأنظمتهم لكن دون تشفير الملفات.
بمجرد تسلل فيروس الفدية إلى نظام ما، يمكن أن تنتشر بسرعة عبر الشبكات، مما يؤدي إلى تشفير البيانات وتعطيل العمليات. وعادةً ما يرسل منفذو الهجمات رسالة لضحاياهم تطلب فدية. ولزيادة الضغط على الضحايا، تتضمن الرسالة نوعاً من العد التنازلي، للضغط عليهم للدفع قبل حذف الملفات نهائياً أو زيادة مبلغ الفدية.
هجمات برامج الفدية – زيادة مستمرة
يعود ارتفاع حوادث فيروس الفدية إلى عدة عوامل:
- برامج الفدية كخدمة (RaaS): تعد برامج الفدية كخدمة (RaaS) نموذج عمل للمؤسسات الإجرامية يسمح لأي شخص بالتسجيل واستخدام الأدوات لإجراء هجمات فيروس الفدية. ومثل نماذج الخدمات الأخرى مثل البرمجيات كخدمة (SaaS) أو المنصة كخدمة (PaaS)، يستأجر عملاء RaaS خدمات فيروس الفدية، بدلاً من امتلاكها كما هو الحال في نموذج توزيع فيروس الفدية التقليدي..
- العملات المشفرة: منحت العملات المشفرة، وخاصة البيتكوين، الفرصة لمجرمي الانترنت للاختباء وعدم الكشف عن هويتهم، مما يجعل من الأسهل عليهم طلب واستلام مدفوعات الفدية من ضحاياهم دون تعقبهم. وفقاً لوكالة رويترز: فإن المدفوعات من هجمات الفدية المرتبطة بالعملات المشفرة تضاعفت تقريباً إلى مستوى قياسي بلغ مليار دولار في عام 2023. وحصل منفذو الهجمات الذين يستهدفون مؤسسات مثل المستشفيات والمدارس والمكاتب الحكومية للحصول على فدية على 1.1 مليار دولار العام الماضي، مقارنة بـ 567 مليون دولار في عام 2022.
- استغلال الثغرات الأمنية: تمتلك العديد من المنظمات، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، أنظمة قديمة أو سيئة الصيانة، والتي يمكن للمهاجمين استغلالها. وقد أدى جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم هذا الأمر حيث أضافت بيئات العمل عن بعد نقاط ضعف جديدة.
- الرقمنة: مع تزايد التحول الرقمي ، تخزن المؤسسات بيانات أكثر حساسية عبر الانترنت مما يوسع سطح التعرض و يجعل هذه البيانات هدفاً جذاباً لمجرمي الانترنت، علماً أن مزودي خدمات التخزين السحابي مدركين لتأثير هذه المخاطر على ربحيتهم و سمعتهم ولذلك يستثمرون أكثر في نظم الحماية.
أضرار هجمات برامج الفدية
عادة ما يكون لهجمات الفدية تبعات قاسية على الضحايا، سواء من نواحي السمعة، المالية أو التشغيلية. تتضمن بعض تلك التبعات ما يلي:
- تواجه المؤسسات الضحية تكاليف مرتبطة بتوقف الخدمة وجهود الاسترداد والرسوم القانونية المحتملة. تصل هذه المبالغ إلى ملايين الدولارات في بعض الأحيان.
- تسبب الهجمات اضطراباً تشغيلياً يصل للتوقف عن العمل أحياناً. وقد يكون الهجوم مدمراً لدرجة أن المؤسسات تضطر لإعادة بناء أنظمتها من الصفر. في بعض الحالات، تتوقف العمليات لعدة أيام أو أسابيع، مما يؤدي إلى خسارة الإيرادات وإلحاق الضرر بالسمعة.
- تلجأ بعض عصابات الفدية إلى تنفيذ هجمات مزدوجة. يسرق المهاجمون البيانات الحساسة قبل تشفيرها. ثم يهددون بنشر أو بيع البيانات إذا لم يتم دفع الفدية، مما يزيد الضغط على الضحية.
- تلحق هجمات فيروس الفدية الضرر بسمعة الشركة، مما يؤدي إلى اختلال ثقة العملاء وإلحاق الضرر بالعلامة التجارية، إضافة للتبعات القانونية.
أهم الحوادث الأمنية
تصدرت هجمات برامج الفدية عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم، مع وقوع حوادث بارزة أثرت على كل من القطاعين العام والخاص:
- خط أنابيب كولونيال (Colonial ): أدى هذا الهجوم على خط أنابيب وقود رئيسي في الولايات المتحدة إلى نقص الوقود في جميع أنحاء الساحل الشرقي وسلط الضوء على نقاط الضعف في البنية التحتية الحيوية. دفعت الشركة فدية قدرها 4.4 مليون دولار لاستعادة الوصول إلى أنظمتها.
- جيه بي إس فودز (JBS ): اضطرت أكبر شركة لتجهيز اللحوم في العالم إلى إغلاق مصانع الإنتاج في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا بسبب هجوم برامج الفدية. ودفعت 11 مليون دولار فدية للمهاجمين.
- مدينة بالتيمور (Baltimore ransomware attack ): أدى هجوم برامج الفدية إلى شل العديد من خدمات المدينة، بما في ذلك نظام البريد الإلكتروني ومعالجة الدفع ومعاملات العقارات. رفضت المدينة دفع الفدية، لكن عملية الاسترداد كلفتهم أكثر من 18 مليون دولار.
الحماية من برامج الفدية
بالنظر لخطورة وتكرار هجمات برامج الفدية، فإنه على الشركات والأفراد اتخاذ تدابير استباقية لحماية أنظمتهم وبياناتهم. فيما يلي بعض أفضل الممارسات:
- النسخ الاحتياطي المنتظم لجميع البيانات المهمة. والتأكد من اختبار فعالية هذه النسخ ومن تخزين نسخة واحدة منها على الأقل في مكان معزول دون اتصال بالانترنت أو في خدمة سحابية آمنة. يمنحك هذا الإجراء مرونة في وجه هجمات الفدية و يقلل من تأثير الهجوم، حيث يمكنك استعادة أنظمتك دون الرضوخ لمطالب منفذي الهجمات.
- تطبيق أحدث التصحيحات الأمنية على جميع البرامج وأنظمة التشغيل والأجهزة. يحرم ذلك مجرمو الانترنت من الاستفادة من نقاط الضعف المعروفة في الأنظمة القديمة.
- تنفيذ المصادقة متعددة العوامل (MFA) أينما أمكن، كطبقة إضافية من الأمان، مما يصعب الوصول الغير مصرح به على المهاجمين..
- توعية الموظفين حول هجمات التصيد الاحتيالي، حيث يعد البريد الإلكتروني أهم نواقل برامج الفدية. يجب تدريب الموظفين على التعرف على رسائل البريد الإلكتروني المشبوهة وتجنب النقر فوق الروابط أو المرفقات غير الموثوقة.
- نشر حلول الكشف والاستجابة لنقطة النهاية (EDR) لمراقبة التهديدات واكتشافها والاستجابة لها في الوقت الفعلي. يمكن أن تساعد هذه الأدوات في منع تنفيذ برامج الفدية.
- تطوير وتحديث واختبار خطة الاستجابة للحوادث بانتظام لتعزيز القدرة على الاستجابة بسرعة وفعالية في حالة وقوع هجوم. يجب أن تتضمن هذه الخطة خطوات الاحتواء و إزالة الفيروس والتعافي.
كلمة أخيرة
تزداد تهديدات برامج الفدية لعالمنا الرقمي. ومع تزايد تعقيد الهجمات وانتشارها، يجب على الشركات والأفراد اتخاذ خطوات لحماية أنظمتهم وبياناتهم. من خلال البقاء يقظين والاستثمار في الأمن السيبراني وتبني أفضل الممارسات، يمكننا تقليل خطر الوقوع ضحية لبرامج الفدية والحد من آثارها المدمرة.