مع اعتماد العالم بشكل متزايد على التكنولوجيا، يتوسع سطح الهجوم السيبراني ويزداد تعقيداً مما يزيد المخاطر على الأفراد والمؤسسات والحكومات. يشارك معكم روبودين هذا المقال الذي يركز على أهم التهديدات السيبرانية التي تواجهها الشركات اليوم. كما يعرض للتدابير الوقائية التي يمكن اتخاذها لحماية الأصول الرقمية والخصوصية.
الهندسة الاجتماعية
تركز الهندسة الاجتماعية على استخراج المعلومات من خلال التلاعب بالبشر. يستغل مجرمو الانترنت علم النفس لتشجيع تبادل المعلومات السرية. وقد يشمل ذلك سرقة بيانات تسجيل الدخول أو المعلومات المصرفية، و تثبيت برامج ضارة. ويستخدم منفذي هذه الهجمات الهندسة الاجتماعية كتكتيك لتجاوز الدفاعات التكنولوجية. على سبيل المثال، يمكن للمهاجم انتحال شخصية موظف بنك لخداع الضحية لمشاركة المعلومات الشخصية واستخدامها للوصول غير المصرح به إلى حسابه المصرفي.
يتطلب الدفاع ضد الهندسة الاجتماعية نهجاً متعدد الطبقات يتضمن مزيجاً من الحلول التقنية والسياسات القوية وتوعية المستخدمين. هناك العديد من التقنيات التي يمكن أن تساعد في الدفاع ضد الهندسة الاجتماعية. ومنها، المصادقة متعددة العوامل (MFA). وحماية نقطة النهاية، وتصفية البريد الإلكتروني والويب. وأنظمة اكتشاف ومنع التطفل (IDPS).
لمعالجة أهم التهديدات السيبرانية، يجب وضع سياسات تتناول مجالات مثل التحكم في الوصول، وتصنيف البيانات، و تمييز البيانات (TAG) حسب حساسيتها، والاستجابة للحوادث، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وأفضل ممارسات كلمة المرور. بالإضافة إلى ذلك، يجب تدريب الموظفين على كيفية التعرف على رسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية أو المكالمات الهاتفية المشبوهة أو الطرق الأخرى التي يستخدمها المهاجمون للتلاعب بهم.
الحماية من هجمات الهندسة الاجتماعية
ويمكن للشركات تبني العديد من السلوكيات والمواقف للحماية من هجمات الهندسة الاجتماعية وذلك عبر ما يلي:
- تقييد الوصول بحيث يمكن للأفراد المصرح لهم فقط الوصول إلى المعلومات الحساسة مما يقلل من فرص تسلل المهاجمين إلى الشركة.
- التحقق من الطلبات، وخاصة تلك التي تنطوي على معاملات مالية أو الوصول إلى بيانات حساسة، وذلك للتأكد من مقدم الطلب.
- تثقيف الموظفين وتدريبهم بانتظام على تكتيكات الهندسة الاجتماعية وأفضل ممارسات الأمن مما يزيد من الوعي ويمكّنهم من التعرف على محاولات التلاعب ومقاومتها.
- تحديث البرامج وتصحيحات الأمان بشكل منتظم مما يقلل من نقاط الضعف التي قد يستغلها المهاجمون.
- فرض سياسات كلمات المرور القوية، مثل طلب كلمات مرور معقدة وتغييرات كلمة المرور بانتظام مما يضيف طبقة إضافية من الأمان ويحمي من الوصول غير المصرح به.
- تشجيع اليقظة عند التعامل مع رسائل البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية غير المرغوب فيها لمساعدة الموظفين على تجنب الوقوع في مخططات التصيد الاحتيالي والتكتيكات الخادعة الأخرى.
- الاستجابة السريعة للحوادث الأمنية لتقليل الضرر ومنع الاختراق
- تشجع الموظفين على الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة أو الخروقات الأمنية المحتملة لتحديد التهديدات ومعالجتها على الفور.
إن الجمع بين هذه الاستراتيجيات يعني أن المؤسسات لا تضع التدابير الوقائية فحسب، بل تخلق أيضاً بيئة آمنة ومرنة تسمح لها بالدفاع ضد هجمات الهندسة الاجتماعية المتطورة. وكذلك، حماية أصولها والحد من التأثير المحتمل للخروقات الأمنية.
أهم التهديدات السيبرانية للأطراف الثالثة
مع اعتماد المؤسسات بشكل متزايد على الطرف الثالث في جوانب مختلفة من عملياتها، باتت المخاطر المرافقة لهذه العمليات أكثر وضوحاً مما يتطلب معالجتها بشكل جدي وإيجاد طرق فعالة للتخفيف من المخاطر وحماية مصالح المؤسسة. على سبيل المثال، عندما تختار أي شركة الاستعانة بمصادر خارجية لخدماتها فإنها تتشارك مخاطر تلك المصادر. تظل عوامل الخطر المحتملة والثغرات قائمة عندما تتعامل المؤسسة مع البائعين أو الموردين أو المقاولين أو الشركاء الخارجيين. فعندما يستعين مزود رعاية صحية بمصادر خارجية لخدمات الفواتير الطبية الخاصة به، فإن ضعف ممارسات الأمان في شركة الفواتير تلك قد تؤدي إلى المساس بالسجلات الطبية للمرضى، مما يؤدي إلى خرق البيانات والعواقب القانونية ومخاطر السمعة المحتملة لمقدم الرعاية الصحية.
التقليل من مخاطر الطرف الثالث
هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن للمؤسسة استخدامها للتخفيف من مخاطر الطرف الثالث ومنها:
- إجراء تقييمات شاملة للبائعين قبل الدخول في أي علاقة تجارية مع الطرف الثالث. يتضمن التقييم عادةً التدقيق في سياسات وممارسات وسجلات الأمن الخاصة بالبائع. قد يشمل أيضاً مراجعة البنية الأساسية للأمن السيبراني وتدابير حماية البيانات والامتثال للوائح الصناعة ذات الصلة. من خلال إجراء هذا التقييم، يمكن للمؤسسات تحديد مخاطر الأمن المحتملة المرتبطة بالبائع واتخاذ القرار حول ما إذا كانت ستتعامل معهم أم لا.
- تحديد متطلبات الأمن بشكل واضح في العقود واتفاقيات مستوى الخدمة (SLA) مع البائعين الخارجيين. يجب أن تحدد هذه المتطلبات التدابير الأمنية المتوقعة من البائع، مثل بروتوكولات التشفير، وضوابط الوصول، وعمليات التدقيق الأمني المنتظمة، والامتثال لمعايير أو لوائح أمنية محددة. يساعد وجود متطلبات أمنية في العقود على إنشاء إطار قانوني لمحاسبة البائع وإجباره على الحفاظ على مستوى معين من الأمان. كما يوفر الأساس القانوني للمحاسبة في حالة حدوث خروقات ويعمل كرادع ضد الإهمال. يجب أن تحدد اتفاقيات مستوى الخدمة المسؤول عن الأمن، وكيف سيتم التعامل مع خروقات البيانات، والعواقب أو التعويض في حالة وقوع حادث أمني.
- تطوير وتحديث خطط الاستجابة للحوادث بشكل مستمر لتحديد كيفية استجابة الشركة والبائعين الخارجيين للحوادث الأمنية. تحدد خطط الاستجابة للحوادث الخطوات التي يجب اتخاذها عند وقوع حادث أمني. وهي تشمل إجراءات لتحديد الخروقات واحتوائها والتخفيف منها والتعافي منها. يجب أن تشمل هذه الخطط كل من المؤسسة والبائع الخارجي. تضمن خطط الاستجابة للحوادث استجابة منسقة ومنظمة للحوادث الأمنية، مما يقلل من الأضرار وفترات التوقف عن العمل. كما أنها تعزز الشفافية والتعاون بين المؤسسة ومورديها، مما يسهل اتباع نهج موحد للأمن.
أهم التهديدات السيبرانية في الحوسبة السحابية
يستثمر مزودو الخدمات السحابية بشكل كبير في البنية الأساسية للأمن من خلال تقديم التشفير والحماية ضد هجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS) وخدمات إدارة الهوية وشهادات الامتثال ومسح الثغرات وأدوات الاستجابة للحوادث. يستخدم مزودو الخدمات السحابية أيضاً الأتمتة والتعلم الآلي (ML) للكشف عن التهديدات وتزويد العملاء بالأدوات والموارد اللازمة للحفاظ على بيئات سحابية آمنة، مما يجعل منصات السحابة أكثر أماناً من الأنظمة التقليدية المحلية للعديد من المؤسسات. ومع ذلك، من الضروري إدراك أنه لا يوجد نظام محصن تماماً ضد المخاطر.
تشير نقاط الضعف في السحابة إلى نقاط الضعف الأمنية وعوامل الخطر المرتبطة ببيئات الحوسبة السحابية. في حين توفر الخدمات السحابية فوائد عديدة، إلا أنها تترافق مع تحديات أمنية فريدة بما في ذلك خروقات البيانات المحتملة وواجهات برمجة التطبيقات غير الآمنة (APIs) أو تخزين البيانات. على سبيل المثال، يؤدي الفشل في تطبيق تحديثات الأمن والتصحيحات في الوقت المناسب على التطبيقات والبنية الأساسية المستندة إلى السحابة إلى الكشف عن نقاط الضعف التي يمكن للمهاجمين استغلالها للحصول على وصول غير مصرح به أو المساس بالبيانات.
تعزيز أمن السحابة
لحسن الحظ، هناك العديد من الاستراتيجيات الأساسية المتاحة لبناء دفاع فعال ضد أمن السحابة، ومنها:
- التقييم الشامل لممارسات الأمن والبنية الأساسية مما يضمن أن مزود السحابة يلبي معايير الأمان ويقلل من خطر نقاط الضعف.
- استخدام أنظمة إدارة الهوية والوصول، مما يمنح الشركات التحكم في وصول المستخدم إلى موارد السحابة وإدارته، مما يضمن أن الأفراد المصرح لهم فقط يمكنهم الوصول إلى البيانات والخدمات المهمة. كما تسمح أنظمة إدارة الهوية والوصول بتنفيذ سياسات الأمان، بما في ذلك المصادقة الثنائية.
- تطبيق تحديثات وتصحيحات الأمن لمعالجة نقاط الضعف المعروفة. يعتبر ذلك مهماً لإغلاق الثغرات الأمنية ومنع الاستغلال.
- إنشاء نسخ احتياطية للبيانات وتصميم واختبار خطط الاسترداد من الكوارث وذلك لمنع فقدان البيانات و تجنب تعطل النظام الناتج عن عوامل مختلفة بما في ذلك الهجمات الإلكترونية أو أعطال الأجهزة أو الكوارث الطبيعية. يضمن تنفيذ خطط النسخ الاحتياطي للبيانات واستردادها بعد الكوارث مرونة البيانات واستمرارية الأعمال.
- تعزيز أمن الشبكة لحماية البيانات أثناء النقل وضمان عزل الموارد. يتضمن ذلك التشفير و تنفيذ جدران الحماية وأنظمة اكتشاف التسلل (IPS).
- إعطاء الأولوية للامتثال والتدقيق لحماية البيانات وتخفيف المخاطر والحفاظ على الثقة مع العملاء. تضمن عمليات التدقيق المنتظمة الالتزام بهذه المعايير وتساعد في تحديد مجالات التحسين.
يعد الدفاع ضد نقاط الضعف السحابية أمراً بالغ الأهمية لحماية البيانات الحساسة وضمان الامتثال للوائح والحفاظ على استمرارية الأعمال والحفاظ على الثقة مع العملاء والشركاء. من خلال إعطاء الأولوية لأمان السحابة، يمكن للمؤسسات تقليل مخاطر الحوادث الإلكترونية والحفاظ على سمعتها.
هجمات برامج الفدية
برامج الفدية هي نوع من البرامج الضارة المصممة لتشفير أو منع الوصول إلى ملفات الضحية أو نظام الكمبيوتر حتى يتم دفع فدية للمهاجم. في السنوات الأخيرة، أصبحت برامج الفدية واحدة من أكثر أشكال الهجمات الإلكترونية تكراراً.ويمكن أن تتسبب هجمات برامج الفدية فقدان البيانات والخسائر المالية بسبب التوقف عن العمل ودفع الفدية وأضرار السمعة والعواقب القانونية والتنظيمية. على سبيل المثال، قد تفقد الشركة التي يستهدفها هجوم إلكتروني القدرة على العمل مما يعين خسائر مالية كبيرة. قد تضطر المؤسسة إلى دفع فدية لاستعادة الوصول إلى بياناتها. وفي الوقت نفسه، أثناء تعطل الأنظمة، سيحدث فقدان في الإيرادات بسبب انقطاع الأعمال. وبالتالي، فإن الوقاية أمر بالغ الأهمية. قد يكون التعافي من هجوم برامج الفدية أمراً صعباً ومكلفاً.
الدفاع ضد هجمات برامج الفدية
- احفظ نسخاً احتياطية للبيانات بانتظام. يعد النسخ الاحتياطي للبيانات بشكل منتظم أحد أكثر وسائل الدفاع فعالية ضد برامج الفدية. إذا تعرضت البيانات للخطر أو تم تشفيرها بواسطة برامج الفدية، فإن وجود نسخ احتياطية محدثة يضمن إمكانية استرداد المعلومات المهمة دون دفع فدية.
- لمنع برامج الفدية يجب تنفيذ تدابير حماية فعالة لنقاط النهاية (End Point) مثل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة بما في ذلك برامج مكافحة الفيروسات والكشف المتقدم عن التهديدات.
- تمكين جدران الحماية للدفاع عن الشبكة ضد التهديدات المحتملة التي قد تواجهها، بما في ذلك برامج الفدية. إن تكوين جدران الحماية وتمكينها يمكن أن يساعد في منع حركة المرور الضارة ومنع برامج الفدية من التسلل إلى الأنظمة.
- تجزئة الشبكة مما يحد من انتشار برامج الفدية داخل المؤسسة. حتى إذا أصابت برامج الفدية جزءاً من الشبكة، فمن غير المرجح أن تنتشر إلى أجزاء أخرى باستخدام تقسيم الشبكة.
- استخدام مرشحات البريد الإلكتروني والويب لحجب هجمات برامج الفدية المضمنة برسائل البريد الإلكتروني الاحتيالية أو عبر مواقع الويب الضارة. يمكن لحلول تصفية البريد الإلكتروني والويب حظر الرسائل الضارة ومحتوى الويب المشبوه، مما يقلل من خطر قيام المستخدمين بتنزيل برامج الفدية عن غير قصد.
- البقاء على اطلاع بأحدث هجمات برامج الفدية والتكتيكات والثغرات الأمنية لتعزيز الدفاع الاستباقي.
- إجراء عمليات تدقيق أمنية منتظمة لتحديد نقاط الضعف والثغرات الأمنية في المؤسسة لمعالجة المشكلات قبل أن يتم استغلالها بواسطة برامج الفدية.
- من خلال تنفيذ هذه التدابير والحفاظ على الوعي الأمني، يمكن تقليل خطر الوقوع ضحية لبرامج الفدية وتعزيز قدرة المؤسسة على المرونة في مواجهة التهديدات السيبرانية.
أهم التهديدات السيبرانية لأجهزة انترنت الأشياء
يشير انترنت الأشياء إلى اتصال الأجهزة والأشياء المادية مع الانترنت، مما يمكنها من جمع البيانات وتبادلها. يمكن لهذه الأجهزة التواصل مع بعضها البعض ومع الأنظمة المركزية دون الحاجة إلى تدخل بشري. وتتعرض أجهزة انترنت الأشياء للجرائم السيبرانية بسبب تدابير الأمان الضعيفة، وانتشار الأجهزة مما يزيد من سطح الهجوم، وتشكيل شبكات البوتات للهجمات واسعة النطاق، ونقص التحديثات وهجمات برامج الفدية المحتملة، من بين عوامل أخرى. يمكن أن يساعد التعاون بين أصحاب المصلحة، والالتزام بأفضل ممارسات الأمن والوعي بالتهديدات المتغيرة باستمرار في التخفيف من المخاطر المرتبطة بالجرائم الإلكترونية على انترنت الأشياء . ولدينا فيما يلي بعض الاستراتيجيات لحماية أجهزة انترنت الأشياء في المؤسسات:
- فرض بروتوكولات المصادقة للسماح بوصول المستخدمين والأجهزة المصرح لهم فقط إلى الأجهزة المتصلة. تساعد آليات المصادقة القوية، مثل كلمات المرور أو البيانات الحيوية أو المصادقة الثنائية، في منع الوصول غير المصرح به.
- تطبيق التحديثات والتصحيحات لمعالجة الثغرات الأمنية المعروفة في الأجهزة المتصلة.
- إجراء اختبارات الاختراق، ومسح للثغرات الأمنية والتقييمات الأمنية لفهم مستوى أمن الجهاز ومعالجة المشكلات التي تم تحديدها.
- التخلص الآمن من الأجهزة المتصلة بحيث يتم مسح البيانات بأمان لمنع الوصول غير المصرح به إلى المعلومات الحساسة.
- الالتزام بمتطلبات الامتثال واللوائح والمعايير للتأكد أن الأجهزة المتصلة تلبي متطلبات الأمان والخصوصية.
من خلال تبني هذه التدابير الاستباقية، يمكن للمؤسسات تعزيز مواقفها الأمنية في انترنت الأشياء والحد من المخاطر المرتبطة بالأجهزة المتصلة مما للمؤسسات بحماية البيانات الحساسة والحفاظ على سلامة شبكاتها.
كلمة أخيرة
إن الدفاع ضد التهديدات السيبرانية عملية بالغة الأهمية ومستمرة تتطلب نهجاً استباقياً متعدد الأوجه. وتعتبر الهندسة الاجتماعية ومخاطر لأطراف ثالثة وثغرات السحابة وبرامج الفدية وانترنت الأشياء من أهم التهديدات السيبرانية التي ينبغي للمؤسسات التركيز عليها لحماية بياناتها وأنظمتها وسمعتها. وبالتالي، ينبغي للمؤسسات الاستثمار في برامج التوعية الأمنية وإدارة الأطراف الثالثة وأمن السحابة والنسخ الاحتياطي والاسترداد وأمن انترنت الأشياء للمساعدة في منع المخاطر والتخفيف منها.