قبل وسائط التخزين التقليدية أو السحابية، كان اختراع الإنسان للتدوين كمفهوم عام ، أو للكتابة بشكل محدد، طريقة لتخزين المعرفة لأن ذاكرتهم لم تعد تكفي لاستيعاب و مشاركة ما يعيشونه من أحداث و خبرات. فكان لا بد لهم من البحث عن طريقة يستطيعون من خلالها حفظ ما تعلموه و نقله لمن بعدهم عبر النقش على الحجارة أو الرسم على أوراق البردي.
تراكم أم تقادم
تطورت الكتابة لكنها بقت محصورة بيد النخب إلى أن أتيحت للعامة مع اختراع الطباعة. وما كان محصوراً بالعلماء و رجال دين و محفوظاً في المعابد و الأوابد، أصبح متاحاً للجميع في الأسواق و على أرفف المكتبات.
وسائط التخزين والكتاب
و مع تطور الحياة، تراكمت المعطيات و الخبرات مجدداً، لتفيض عن أغلفة الكتب و حبر الصفحات و تخزن في الحواسب. لكن آليات التخزين التقليدية على وسائط التخزين HDD أو SSD ، لم تعد كافية. مما استدعى اكتشاف طرق خلاقة لتحليل هذه المعطيات و استخلاص “الزبدة” منها، على شكل معلومات قابلة للتخزين في السحابة الحاسوبية.
وسائط التخزين السحابية
اتجاهات التنمية الجديدة بما في ذلك إنترنت الأشياء (IoT) والمدينة الذكية والمؤسسات الرقمية التحول والاقتصاد الرقمي في العالم في توسع دائم. يحفزالنمو المستمر لتخزين البيانات التطور السريع لقطاع أعمال التخزين السحابي مدفوعاً بكم البيانات الهائلة التي يتم إنشاؤها في كل لجظة. و من خلال توفير تخزين البيانات وإدارتها ، يصبح نظام التخزين السحابي جزءاً لا غنى عنه من عصر جديد من عصور المعرفة. في الوقت الحالي ، تقوم الحكومات والمؤسسات والمستخدمون الفرديون بترحيل بياناتهم بنشاط إلى السحابة. يمكن لمثل هذه الكمية الهائلة من البيانات أن تعتبر ثروة و لكنها أيضاً بؤرة للمخاطر.
مخاطر التخزين السحابي
تمثل السحابة الحاسوبية مساحة لا متناهية للتخزين بمعايير عصرنا الحالي. هذه المرة نحن لا نحفظ معلوماتنا داخل الكهف او المعبد او الهرم. نحن نحفظها عند العمالقة مقدمي خدمة التخزين السحابي مثل google أو Microsoft أو Amazon .
إن الكم الهائل من البيانات يزيد من شهية مجرمي الانترنت لممارسة محاولاتهم لاستغلالها أو سرقتها عبر أنواع مختلفة من الهجمات. ومن هذه الهجمات على سبيل المثال ، الوصول غير المصرح به ، وتسرب البيانات ، والكشف عن المعلومات الحساسة و إفشاء الخصوصية. على الرغم من وجود بعض الدراسات حول أمن البيانات وحماية الخصوصية ، لا يزال هناك نقص للدراسات المنهجية حول هذا الموضوع في نظام التخزين السحابي. نحتاج جميعاً لمراجعة الضوابط الخاصة بأمن البيانات وقضايا الخصوصية وتكنولوجيا تشفير البيانات. و كذلك الإجراءات المضادة في نظام التخزين السحابي.
التخزين السحابي-مسؤولية مشتركة
في السحابة الحاسوبية لا وجود للسيادة التقليدية للدول على المعلومات التي ينتجها أو يخزنها مواطنيها. أصبحت السيطرة الفيزيائية و المنطقية خاضعة لأنظمة الشركات الكبرى و سياسات السرية و حماية الخصوصية التي تنظم عمل تلك الشركات العملاقة. هذه السياسات ليست سيئة او عشوائية بجميع الاحوال و لكن لا يخلو الأمر من ثغرات قابلة للمعالجة.
عملت الحكومات و المنظمات على معالجة الثغرات في أنظمة عمل الشركات التقنية الكبرى، و تحديداً في مجالات حماية خصوصية المستخدمين كما صاغ الاتحاد الأوربي الـ GDPR لحماية خصوصية مواطنيه و المقيمين على أرضه.
معلوماتنا اليوم هي داخل السحابة أو تحت ظلها. فكيف نمسك العصا من المنتصف؟
كيف نوازن بين خصوصيتنا التي لا GDPR عربي يحميها، و بين رغبتنا في الاستفادة من المرونة التي توفرها السحابة؟
لتنسجم مع هذا العصر، لا تخزن فيزيائيا ما يمكنك تخزينه رقمياً. و احتفظ بنسخة احتياطية من معلوماتك على الانترنت بالاضافة لوسائط التخزين التقليدية الموجودة تحت إدارتك الفيزيائية. و لكن حصن معلوماتك الرقمية بكلمات سر معقدة و بأنظمة تشفير و حماية إضافية تقيك شرور المتسللين قدر الإمكان.